أخبار عاجلة

المعلم الذليل لا ينتج إلا ذلًّا


بوابة التربية- كتب د. كامل فرحان صالح *

لا أريد أن أكون متشائمًا، لكوني أسعى جاهدًا إلى بثّ الأمل في المستقبل على الرغم من كل شيء. لكن في الحقيقة، يقف المرء عاجزًا أمام إشكالية الوضع الوطني اللبناني الكارثي، فهل ثمة علاج سحري – عجائبي لمعالجة هذا الانهيار الدراماتيكي؟ ربما يكون ذلك ممكنًا في ظل تضافر عوامل كثيرة، تتشابك فيما بينها لولادة مجتمع يؤمن بدايةً بإنسانية الإنسان، وبحقّه في العيش الكريم والتعبير، والاختلاف، والاعتقاد، والعيش تحت مظلة العدالة والمساواة، وفي التزام التوازن بين الحقوق والواجبات. ولعل من هذه العوامل: العدالة في القضاء، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، وتنقية تراثنا وحاضرنا من الخرافات و«الكره والحقد والعنف»، وترديد أقوال البعض من دون تمحيص ونقد.
ولعل أهم الخطوات، وهي ما قد أشار إليها الأديب المصري طه حسين في كتابه «مستقبل الثقافة في مصر»، تغيير النظرة إلى المعلم؛ لأن الرجل (المعلم) الذليل لا يستطيع أن ينتج إلا ذلًّا وهوانًا ومتطرفين، ومن نشأ على الخنوع والاستعباد لا يمكن أن ينتج حرية واستقلالًا؛ لذا، المأمول التركيز على إعداد «المعلم الصالح» إعدادًا جيدًا قبل الحديث عن المناهج والبرامج التعليمية؛ فهذا المعلم هو المسؤول عن تربية الأولاد والبنات بعد الآباء والأمهات، وعلى عاتقه تقع مسؤولية إنشاء أجيال تتمتع بالوعي، والأخلاق، والخير، ومن خلاله نستطيع تلمُّس مستقبل مجتمعاتنا، وقدراتها على مواجهة التحديات.
لكن، وعلى الرغم من جرس الإنذار الذي أطلقه طه حسين في بدايات القرن العشرين، ودعوة رجال النهضة للشعوب العربية إلى «اختيار المستقبل» بدلًا من مواصلة البكاء على أطلال الماضي، وقعنا في الكارثة وبِتْنا مجتمعات استهلاكية، وصورتنا أمام العالم لا تعكس سوى التخلف والعنف الدموي والتطرف، و«التفنن» في صيغ تكفير بعضنا بعضًا.
لم يفشل طه حسين، وجبران، ومحمد عبده، وقاسم أمين، وجرجي زيدان، وغيرهم العشرات من رجال النهضة، إنما كان تحدي مواجهة تفشي الأمية قاسيًّا في مجتمعاتنا؛ فالأمية لا تعني عدم معرفة القراءة والكتابة فحسب، بل الأمية بمعناها العميق، هو عدم الوعي بإنسانية الإنسان فينا، وهذا ما قد أمعنا في إهماله عن «غباء مدروس».
* أستاذ في الجامعة اللبنانية

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

عميد المعهد العالي للدكتوراه يفتتح حفل أسبوع المطالعة في ثانوية الرحمة

بوابة التربية: نظمت ثانوية الرحمة (كفرجوز-الجنوب) التابعة لمدارس المبرّات، الأسبوع الثقافي التاسع عشر ومعرض الكتاب  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *