أخبار عاجلة

قضايا خلافيَّة في ملفَّات الجامعة اللبنانيَّة

بوابة التربية- كتب د. كميل الأشقر: عوَّدتنا السلطةُ في لبنان على الإقرار قولًا بحقوق الجامعة اللبنانية حتى لتخال انها تُزايد في التوصيف الايجابي على اساتذتها واداريِّها، وهي تُشيد بدورها وتعترف بأهميَّتها؛ لكن الغرابة تكمن في تعاملها مع ملفَّاتها حتى ليتيَّقن المرء بانها لا تضع الاقوال في مرتبة الافعال.

يثير هذا الواقع اسئلةً حول حقيقةِ منزلةِ الجامعة اللبنانية عند السلطات المتعاقبة في لبنان، ومنذ ما يقارب الثلاثة عقودٍ خلت على الاقل، وهل ان دورها ووجودها مسألة خلافيَّة بين اركان السلطة ام انهم متَّفقون على استراتيجية واحدة في مقاربة دورها والحاجة اليها؟

ولأن سياسات الحكومات الداخليَّة تُقرأ من خلال موازناتها وقراراتها، يتبيَّن بالدليل القاطع مقدار التهميش الذي تمارسه الحكومات المتعاقبة بحق التربية والتعليم عمومًا والجامعة اللبنانيَّة خصوصًا، فاذ اخذنا مشروع موازنة 2022 كمرجعيَّة، نجد انه تم تخصيص ما نسبته 0.68% لوازرة التربية من مجمل الموازنة العامة، فيما نجدها 22% في فرنسا على سبيل المقارنة، كما خُصص للجامعة اللبنانية 10.7% من موازنة وزارة التربية أو0.073% من الموازنة العامة، ما يعادل تخصيص مبلغ 212$ نسبةً لكل طالب جامعي في استهتار واضحٍ لا لُبس فيه بقيمة الانسان وبفئة الشباب خصوصًا وفي النظرة اليها كمحرِّك للتنمية. يشكِّل هذا التوجُّه موضوعَ خلافٍ اكيدٍ بين اهل الجامعة واهل السلطة في مواجهة مستفزِّة، غير ان الخلاف الاكبر يظهر في ملفّات الجامعة الحيويَّة لعملها وديمومتها كملفَّي التفرُّغ وتعيين العمداء، حيث للمحاصصة الطائفيَّة والمذهبيَّة بين من بيدهم القرار حصَّة الاسد، وكأنهم امام مشروع تلزيم او صفقة يبتغون منها الربح، فلا نجد خلافًا حقيقيًا بين اركان السلطة تجاه تقديرهم او لا تقديرهم لقيمة الجامعة بل تجاه حصصهم فيها.

ربَّ من ينادي باستعادة مجلس الجامعة لصلاحيّاته كحل لهذه المعاناة في التعاطي مع ملفّات الجامعة، لكن هذه الخطوة، باستثناء المرونة التي يمكن ان توفِّرها في اتخاذ القرارات ولا سيَّما في مسألة تعاقد التفرُّغ مع مستحقِّيه، لا تشكِّل حلًّا جذريًّا طالما ان تعيين العمداء نتاجُ محاصصةٍ تعيد تشكيل مجلس الجامعة على شاكلة السلطة التي انتجته.

في المحصِّلة، تبدو الجامعة الوطنيَّة بعد ان نخرتها سوسة الطائفيَّة والمذهبيَّة في حال نزاعٍ ومنازعةٍ دائمين وهي لا تستقيم الا لفترات قليلة ونادرة وبفضل بعض الكفاءات من المخلصين فيها، الذين يدخلون الجامعة بفعل ايمانهم بفكرتها وبدورها، ثم تعود الى الترهُّل وتضربها الأزمات بشكل دوري بسبب كل ما تقدَّم من خلل بنيوي وتعِّوق للنظام العام ولتكوين السلطة الراعية لها.

تبدو الصورةُ قاتمةٌ والافقُ مسدودٌ، لكن الرهان على الاستاذ الجامعي، حتى وان كان في دوّامة معيقة لكل تطوّر، حاملٌ لبعض الأمل فيما لو وصل وعي الازمة الى حد توحيد كل الجهود في مسار مطلبيِّ واحد، يحوِّل الجامعة الى قضيَّة وطنيَّة وقضيَّة رأي عام حول ازمتها واهميتها، فينتزع حقوقَها انتزاعًا.

 

-* استاذ متعاقد مع الجامعة اللبنانية منذ اكثر من عشرِ سنوات

 

 

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

نقابة المعلمين ترفع الصوت: صندوق التعويضات في طريقه إلى الزوال

بوابة التربية: دعت نقابة المعلمين في لبنان الرئيس نبيه بري إلى دعوة مجلس النواب لجلسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *