أخبار عاجلة

كتاب اعتذار من أستاذة متعاقدة في الجامعة اللبنانية إلى طلابها معلمي الأجيال

بوابة التربية- كتبت الدكتورة *ليليان ريشا:

اعتدت في السنوات السابقة أن أتوجّه إليكم في نهاية كلّ فصل برسالة أحيّي فيها جهودكم في تحصيل العلم والمعرفة وأشجعكم على المثابرة في تنمية قدراتكم المهنيّة وصقلها وأذكّركم بأهمية رسالتكم في إعداد الانسان المواطن. كانت رسائلي تفيض بالاعتزاز بثمار جهودكم، وبالتغيير الذي ألمسه في منظومة قيمكم من خلال التعبير عن مواقفكم تجاه لبنان الوطن أو تجاه مهنة التعليم وأهميتها في بناء الانسان في وطن الانسان. كانت بعض إجاباتكم على أسئلة الامتحان الفصلي، تدفعني إلى البكاء تأثراً أو الابتسام مرحاً، وحتى الضحك فرحاً أحياناً ما ينسيني تعب الفصل بالكامل.

ها أنا اليوم، أستعيد شريط ذكريات السنوات الثماني الماضية بمرارة وحسرة. الفراغ يملأ وجداني بحثاً عن نقطة ضوء في ظلام النفق الذي دخلت فيه جامعتي فدُفِعت قسراً مع زملائي المتعاقدين إلى إضراب مفتوح بدأ منذ خمسة أشهر ولم تظهر أفق الخروج منه بعد. فلم أجد سوى رسالة اعتذار تعوّض انقطاع التواصل بيني وبينكم، أنتم من تشكلون منبع انتاجيتي ومنارة أفكاري التجديديّة، أنتم مَنْ أعوّل على تخرّجكم إلى ميدان التربية والتعليم لإعداد أجيال من المواطنين القادرين على بناء لبنان التغيير، لبنان الحضارة، لبنان وطن الإنسان دولة الحقّ والقانون.

طلابي الذين لم أتعرف بكم،

عذراً،

أعتذر منكم لأني احتملت الظلم أنا وزملائي وصبرنا على انتهاك حقنا بالتفرّغ سنوات حتى فرغت طاقتنا على الاحتمال وانفجرنا غضباً في وجه من أهمل ملفنا وأجلّ رفعه الى السلطات المعنيّة في المهل القانونية.

أعتذر منكم لأني قبلت أنا وزملائي بتوقيع عقد مصالحة مذلّ أوحى للمعنيين أن حقوقنا قابلة للهضم وأننا سوف نستسلم حتى انقضاء الدهر لعقد يحرمنا كل التقديمات الاجتماعية والصحيّة وبدلات النقل والمنح المدرسيّة.

أعتذر منكم بالنيابة عن الادارة التي تخلّت عنكم وأهدرت حقكم بتعلّم نوعي عندما أساءت إدارة ملف التعاقد بالمصالحة في الجامعة اللبنانيّة، حتى بات عصيّاً على الاقرار على الرغم من رفعه الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

أعتذر منكم بالنيابة عن سلطة الوصاية المتمثّلة بالوزراء المتعاقبين الذين استعملوا هذا الملف للمقايضة والمحاصصة على حساب حقوقكم بالتخرّج والانخراط في في حياة مهنيّة ناجحة والمساهمة بورشة النهوض بالقطاع التربوي في ظروف يحتاج فيها وطنكم إليكم، حتى صار إقرارهذا يحتاج إلى معجزة حتى بعد رفعه الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

أعتذر منكم بالنيابة عن مجلس الوزراء والوزراء مجتمعين لأنهم يعتبرون أن التربية في أسفل سلّم أولويات السلطة التنفيذيّة ويكتفون باستعمال حقوق الاساتذة واستغلال الملف لكسب الحصص وتسجيل النقاط ويتناسون أن كنز لبنان الأهم هي ثروته البشريّة ومعظم أدمغته هم خريجو الجامعة الوطنيّة .

أعتذر منكم مجدّداً لأني لن أعدكم بالعودة إلى تدريسكم قبل أن يعود الضمير إلى كلّ من يقبض على هذا الملف وعلى كلّ ملفات الجامعة اللبنانية ويحرمكم حقكم بتعليم جيد وصرح تعليمي لائق وأستاذ متفرّغ لتطوير الجامعة وخدمة طلابها.

طلابي الأعزاء،

في ختام رسالتي،

أدعوكم للتفكير مليّاً بما آلت إليه أوضاع جامعتكم

وأدعوكم للانتفاض ورفض الواقع الحالي

وأدعوكم أن تتخذوا قراراً شجاعاً وتنضموا إلى أساتذتكم في تحركاتهم

لعلنا يداً بيد ننقذ الوطن بإنقاذ جامعته الوطنيّة،

وإلّا فخسارتكم لن تكون مختصرة بخسارة فصل أو عام جامعي، فمستقبلكم بكامله هو على المحك.

طلابي الأعزاء خسارة مستقبلكم هي خسارة وطنية ولذا لن أعتذر منكم لأن إضرابي محقّ، ومطالبتي بحقي هو واجبي لحماية حقكم عليّ بتعليم نوعي يضمن لكم مستقبلاً آمناً ومنتجاً ويتيح لكم بناء وطن يليق بكم.

*أستاذة متعاقدة في الجامعة اللبنانيّة

 

 

 

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

نقابة المعلمين ترفع الصوت: صندوق التعويضات في طريقه إلى الزوال

بوابة التربية: دعت نقابة المعلمين في لبنان الرئيس نبيه بري إلى دعوة مجلس النواب لجلسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *