أخبار عاجلة

ما يحتجز خلسة يسترد عنوة

من تحركات المتقاعدين في التعليم الرسمي للمطالبة بحقوقهم (أرشيف-بوابة التربية)

بوابة التربية- كتب الدكتور جعفر عبد الخالق:

أغلبية فئات شعبنا اللبناني غير مستقرة الرأي، حتى برؤية مصالحها الأقرب إلى نحلة معاشها وحاجاتها الضرورية، فكيف بالكمالية التي أضحت بخبر كان.

وإذا عانى الشعب خلال العامين المنصرمين، وما زال، من خسارة القدرة الشرائية للمداخيل بأكثر من 90%، وفقد أكثر من 80% من التغطية الصحية (إنكشاف شبه تام)، وارتفاع الدولار بما يفوق ال 15 ضعفاً، وزادت الأسعار بين سبعة وعشرة أضعاف، وإنخفض الحد الأدنى للأجور إلى  حدود 25 دولار شهرياً (في قعر اللائحة عالمياً)، وحتى الآن لم يتم استفزاز عنفواننا ومصالحنا  وكرامتنا الوطنية، فماذا ننتظر؟

وفي خضم هذا الإنحدار (الإنهيار) الكارثي، تعطل مجلس الوزراء أشهر عدة، بسبب إحتمال ضني قضائي في تحقيق إنفجار المرفأ في 4 آب 2020. ومنذ شهر تقريباً وجميعنا يتابع جلسات إقرار الموازنة، ومادة الإلتهاء بالمضغ والإمتصاص والعلك Tittytainment التي تم قذفها أمام كل الفئات، بصورة بند المساعدات الاجتماعية (الرشوة العامة): تارة تحت حجة الاستعجال التربوي الداهم لإطلاق العام الدراسي، وطوراً بحجة عدم قدرة الدولة على التمويل، وبحجة ثالثة أنه علينا تمرير العام 2022 بدون تصحيح الأجور، بإنتظار “مواهب وإبداعات” حلول العام 2023.

وفي كل الحالات الثلاث الآنفة الذكر، يتغاضى أو يتناسى، الجمهور الواسع عن كيفية رفع مستوى مداخيل الموازنة العتيدة، بتشريع زيادات الرسوم والضريبية بحجة تغير سعر صرف الدولار، وإنخفاض قيمة العملة اللبنانية، والذهاب بعيداً في مضاعفة الرسوم والضرائب القائمة بين ثلاثة وثمانية أضعاف، وتلزيم وزارة المال حق تشريع تحديد قيمة الدولار الجمركي أسبوعياً أو شهرياً، وما ينتج عن ذلك من استنسابية (حدث ولا حرج). فعلاً إنها موازنة تشريع الغاب!!! فكيف يمكن مضاعفة الرسوم والضرائب من 3 إلى8 أضعاف، بما متوسطه خمسة أضعاف بالحد الأدنى، وإبقاء الأجور كما هي، ورشوة الناس بمساعدة اجتماعية لا تتعدى ضعفاً واحداً باحسن الفئات المستفيدة، وغير ثابتة ولسنة واحدة فقط، وغير مضمونة فترة البداية. بحيث تم ربطها بإقرار الموازنة وبعض المساعدات الدولية التي تقدر مابين 500 و 700 مليون دولار، يتم توزيعها بشكل فتات ورشوة بين مختلف الفئات، لإلهائنا عن تجاذبات ومحاصصات وصفقات إقرار الموازنات اللبنانية، بين أطراف السلطة الحاكمة والمهيمنة، وأحزابها الطائفية والفئوية المتعاضدة بشكل ملتوي فيما بينها. والغريب العجيب أن غالبية القوى المصدقة على مشروع الموازنة وتعديلاته في مجلس الوزراء، تتبرأ منها علناً وتسريباً، وتترك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمفرده يتلقى الصدمات بتصريحات غير موفقة. وهنا تبين لنا جميعاً، ما هو ثمن العودة لإنعقاد مجلس الوزراء، والبت بمشروع الموازنة، بأن تتحمل رئاسة مجلس الوزراء كل التبعات السلبية التي ستنشأ.

ومادة الإلهاء الثانية التي تم تسريبها لنفوسنا، هي وكأن وهم واقعة المساعدة الاجتماعية (الحسنة) بدأ تطبيقها، وأرتفعت الأجور وتحويلاتها للمصارف غداُ، وبدأنا بمعاناة كيفية سحبها من حسابات معاشات التوطين القائم بالمصارف، المحددة السقف حالياً بين 5-6 ملايين ل.ل شهرياً.

انها بالفعل موازنة ال Anaconda، والاناكوندا هي الافعى الضخمة التي تستطيع التهام كل شيئ، ما عدا الكهرباء أنهكتها سابقاً وستقتلها حالياً. وهذا ما سيحدث الثلاثاء القادم باجتماع القصر الجمهوري، لمناقشة الكهرباء على حدة، ومن خارج الموازنة. هذا يعني اذا مشروع موازنة 2022 تقدر ب ٤٩ الف مليار ل.ل بعجز مبدئي ٧٠٠٠ مليار، ستاتي الكهرباء الثلاثاء بعجز مماثل، وزيادة التعرفة عدة اضعاف… فالكهرباء هي من أهم وسائل قتل اناكوندا الموازنة.

وللاسف: ما زال الشعب اللبناني متمسك بآماله، ويعامل السلطة والتسلط والهيمنة، بالحسنى واللين والإنتظار.

ورغم ذلك، أنطلقت بعض أفكار المواجهات المتواضعة جداً بشكل: 1) إنتظار وصول الموازنة إلى المجلس النيابي ولجانه وآمال التعديل هناك من ناحية، 2) والبدء بتحركات “مريبة غاضبة” ضد مصرف لبنان وجمعية المصارف والمصارف التجارية من ناحية ثانية، 3) والشروع بفتح شكاوى ودعوات قضائية ضد المصارف ومراجعات عند وزارة المالية وبعض متنفذي أطراف السلطة من ناحية ثالثة.

والواضح للجميع، أن كل الأساليب والأدوات المطروحة غير ناجعة، وتمثل جعجعة محلية بدون طحين (إلهائية)، وكلنا يعلم، أن القضايا القضائية الكبرى والوطنية منها (إنفجار المرفأ مثلاً)، أو حتى الوسطى منها بإقالة وزير أو مدير عام أو حتى موظف فئة خامسة، أو حتى قضايا صغرى عشائرية: تتوقف كلها عند قوة وهيمنة هذا الطرف وجمهرة ذاك، وطائفة فلان أو فئة علان.

بالمقابل، نحن في لبنان فئة أساسية أصحاب الدخل المحدود، تضم 300 ألف موظف و 120 ألف متقاعد مدنيين وتربويين وعسكريين، في هذه الدولة اللبنانية العلية التقدير بالإنحطاط والإستلشاق بكل فئات شعبها، هذه الفئة من موظفي ومتقاعدي القطاع العام تقوم بإعالة أكثر من مليوني نسمة، أي بحدود 50% من الشعب اللبناني المقيم. أفلا يمكننا تشكيل الطائفة الوطنية الأكبر، والحزب الوطني الأوسع تأثيراً وإنتشارا أفقياً وعامودياً، والغيتو الأقوى، والصرخة الأعلى، والعاصفة الأعتى التي يمكنها أن تهز أركان السلطة وهيمنتها بكل أطرافها؟؟؟ من مجلسي النواب والوزراء ورئاسة الجمهورية، ومصرفهم المركزي ومصارفهم التجارية وشركاتهم الاحتكارية.

عند هذا الواقع الملموس، من الواضح أن هناك فئة موازية ومتقاربة بالحرمان والإنتشار في القطاع الخاص، وتلاقي فئة القطاع العام، ليشكلا معاً غالبية ال 90% من مكونات الشعب اللبناني، و60% منهم لامسوا حد الفقر ودونه مستوى، والثلاثين بالمئة الآخرين في طريقهم لملامسة حد الفقر قريباً جداً خلال العام 2022.

فإلام التنظير وابتداع الأساليب الملتوية، وإلام إمتشاق مناهج الحسنى واللين والإنتظار؟

أفلا يستأهل كل ذلك الخروج من شرنقة الطوائف والفئويات والملهاة Tittytainment؟

وإلى متى تأجيل تحقيق مقولة “إلى الشارع در”؟؟؟ وإذا كان البعض التغييري يربط الخلاص بالإنتظار إلى ما بعد الإنتخابات النيابية لتصحيح المسار، فالشعب عليه أن لا يأمل خيراُ فيما أصلاً لا خير فيه غير حافة الهاوية والإنحدار. فإلى “الشارع در فوراً” رغم تسلط الهيمنة ومصادرة القرار والحصار، للدفاع بشراسة عن أبسط حقوق المواطنة والمصالح المعيشية القابعة في الإنهيار.

فما مصادرة ال 90% من صلب مداخيلنا ومستوى معيشتنا خلال العامين المنصرمين وما يحتجز من مدخراتنا خلسة، لا يمكن إسترداده إلا عنوة (كي لا نقل عنفاً).

وإلا على الدنيا السلام!!! وينطبق علينا القول فعلاً: “نحن شعب لا يستحي”، وأناكوندا السلطة تلتهمنا بشراهة.

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

شهادة الماجيستير للمحافظ الترك مع تقدير جيد جدا

بوابة التربية: نالت محافظ النبطية الدكتورة هويدا الترك شهادة الماجيستير من كلية الحقوق في الجامعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *