أخبار عاجلة

مطالبات في غير أوانها.. المواجهة مطلوبة

بوابة  التربية- كتب *محمد الحجيري:  نقرأ كثيراً هذه الأيام لزملاء من الأساتذة في التعليم الثانوي شكاويهم وتظلماتِهم مما وصلت إليه الأمور العامة وأحوال الأساتذة الثانويين المعيشية. ويطالبون بتسويَةٍ ما، تمكّنُهم من استمرارهم في واجبهم التعليمي، من خلال إعطاء سلفة على المعاش بانتظار تعديله أو غير ذلك من الاقتراحات.

ورغم أحقيّة هذه المطالب ومشروعية التعبير عن المعاناة والإحساس بالوجع، إلا أننا يجب أن نتحفظ على بعض صيغ التعبير عن هذه المعاناة وهذا الوجع.

سيبدو نافراً جداً مثلاً القول هذه الأيام بأن الأساتذة الثانويين يريدون كذا أو كذا من المطالب، تحديداً إذا كانت مطالب خاصة.

أولاً، لأن ظروف البلاد في هذه المرحلة لا تسمح بترف تقديم أيِّ شيءٍ لأيِّ أحد.

ثانياً، لأن هذه الظروف الصعبة والمأسوية لا تطال الأساتذة الثانويين حصراً. فهي تطال الجميع، وتطال البعض بأكثر مما تطال الأساتذة الثانويين:

هي تطال أساتذة التعليم الأساسي

وتطال زملاءنا المتعاقدين

وتطال السلك العسكري بكالمه

وتطال أساتذة التعليم الخاص

وهي أيضاً تطال الأساتذة الجامعيين، والموظفين الإداريين.

وتطال الأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل

الوضع محزنٌ وبالغ المأسوية في غالب الأحيان.

فقط لصوص الهيكل يعيشون في رفاهية.

الوقت الذي كان على الأساتذة الثانويين أن يرفعوا الصوت عالياً، كان في العام 2017 حين أقِّرت سلسلة الرتب والرواتب.

كان على أداتهم النقابية، أي الهيئة الإدراية لرابطة الأساتذة الثانويين، ألا تقبل باتساع الهوّة ما بين الأساتذة الثانويين وأساتذة الجامعة من ست درجات إلى خمسٍ وعشرين درجة، ثم يفاوضون على فارق تسع عشرة درجة..

وكان عليها ألا تقبل سلسلةً تعطي لموظفي الفئة الثالثة زيادة توزاي ضعفي ما أعطته للأساتذة الثانويين.

وكان على الرابطة أن تتخذ موقفاً وتنزل إلى الشارع في العام 2019 حين امتلأت الساحات بالمتظاهرين وبعد أن تكشفت حالاتُ فسادِ الطبقة السياسية الحاكمة وحالات اللصوصية وتهريب الأموال إلى الخارج ومصادرة المصارفِ أموالَ المودعين.

كان على الرابطة أن تساهم، وأن يساهم الاتحاد العمالي العام وكل الهيئات القطاعية بالوقوف في وجه السلطة ومحاولة وقف الانهيار الواضح القادم. وأن يساهم الجميع في تعرية اللصوص ومحاسبتهم والعمل على استعادة الأموال المنهوبة والحصول على مساعدة الأصدقاء في العالم.

لكنها لم تفعل شيئاً من كل ذلك، ولم يفعل الاتحاد العمالي العام شيئاً من ذلك، لأن المؤسسات الذيلية لا يمكن أن تحاسب أسيادها.

وماذا بعد؟

الآن، ما العمل؟

الإجابة ليست بسيطة. لكن، ليس من المناسب هذه الأيام المطالبة بأمور خاصة إلا في نطاق ضيّق ومبرّر.

المطلوب هذه الأيام الضغط بالتعاون والتنسيق مع كل القطاعات المتضررة مما أوصلتنا إليه هذه السلطة من حالة إفقار وفقر وجوع، مع العسكريين، ومع الطلاب، ومع المتعاقدين وأساتذة الأساسي وخريجي الجامعات ونقابة المحامين وغيرهم، من أجل فرض سلطة تتمتع بالاستقلال والجرأة والنزاهة لتعرية كل اللصوص والفاسدين في المراحل السابقة ومحاسبتهم واستعادة ما يمكن استعادته من الأموال المحوّلة إلى الخارج، والحصول على مساعدات الدول الصديقة بعد الحصول على ثقتها أولاً.

لا يمكن لبلد مفلس أن يساعد شعبه.

ولا يمكن لسلطة من اللصوص أن تحارب السرقة أو أن تفضح وتحاسب السارقين. اللص لا يحاسب نفسه. ولا يمكن لسلطة اللصوص نفسها أن تعترف بلصوصيتها أو أن تسمح لغيرها بسهولة في أن يحاسبها أو أن يكشف أوراقها أمام الملأ.

لا بدّ من المواجهة، مواجهة السلطة بالذات. ومواجهة السلطة لا يكون بأدوات السلطة ذاتها.

*(أستاذ ثانوي)

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

اعتداء وسرقة في مبنى للجامعة اللبنانية في البقاع

بوابة التربية: اقدم مجهولون على اقتحام مبنى كلية الآداب في الجامعة اللبنانية -الفرع الرابع في …