أخبار عاجلة

ثقافة

شبعا عناق الصّخر والماء

بوابة التربية- كتب الأستاذ يونس محمّد علي زلزلي:

للمقـام الجبليّ الأبيض، لطواف الشّمس على الصّخور الدّهريّة الصّامدة أمام عتوّ السّنين، لسعي الرّعاة من دغشة الفجر إلى رعشة الليل بين الهضاب والأودية المترامية أقرب من مدّ نظر العاشقين، وأبعد من مرمى حجر الطّامعين، لشبعا التي “ما بينشبع من جمالها”، تندلق الكلمات من محبرة القلب على كراريس الوفاء في نعيم فراديس الحنين والمحبّة والفرادة. على دروب شبعا ماجت سنابل الذّهب والتّعب ترنو فيّاضةً بالأمل إلى وطن يضمّ أغمارها، وأعمار أبنائها إلى بيادر عنايته ورعايته.

شبعا هي الرّوضة التي ما برحت تنذر عناقيدها وبواكير أكواز تينها العسلانيّ، وسلال كرزها وخوخها وتفّاحها وتوتها البرّيّ والشّاميّ، وغلال الجوز اليانع وقمـح الحقول على موائد أعراس السّلام الموعود في الوطن المعلَّق على صليب الأزمات والأزمنة. أمّا إنسان شبعا، فهو قيسها المتيَّم الذي لا يغادر مضارب محبوبته إلا ليملأ بزنوده السّمر ربوع الوطن والغربة خوابي لا تنضب من زيت العزيمة والإرادة، ويستدرجه الشّوق، فيعاود سيرته على ضفاف نبع الجوز مستظلًّا الغيوم، وملتحفًا النّجوم في معراجه الأثير. طوبى لك شبعا ليلًا تساهرين نثار فضّة القمر في كلّ حاكورةٍ وخلّةٍ ومراح. طوبى لك تعاقرين خمرة ماء حرمون العذب القراح، ثم تنهضين إلى ناصية النّهار، فتسابقين خيوط الشّمس إلى المروج والكروم ومواعيد الفرح مع العصافير والفراشات في رقصة الحياة المترعة بالأمل والألم، والمشرعة على العذاب والعذوبة.
شبعا بوركت تفتحين أبواب قلبك، فيرى الضّيف في إنسانك طيف ملاك، او طفلًا لا تفسد براءته أيّامٌ عجاف. تبقين في البال أجمل أغنية مشتهاة، وأمنيةً بالعودة كلّ يوم إلى رحاب أرض البساطة المعقّدة التي لا نفهمها إلا عندما ندلف بوّابتك من بركة النّقّار جنب المزارع العاتية على المواقع، والدّانية من السّماء وظلال الشّهداء، فنشعر أنّنا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من عين الله الحارسة، و في شغاف قلبه الرّؤوم.
هنا نرى الله أقرب إلينا من حبل الوريد، هنا يغدو الوطن بيت القصيد.

الذكرى ال31 لرحيل الدكتور حسن صعب: الوطن يفتقد حكمتك وفكرك

بوابة التربية: كتب المنسق الإعلامي لمؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث، محمد ع.درويش لمناسبة الذكرى ال 31 لرحيل الدكتور حسن صعب، وقال:

حسن صعب: نظامنا يحتضر والثورة التي أريد إنمائية

النظام السياسي والإجتماعي: نظامنا السياسي والإجتماعي هو الآن في حالة احتضار. والبديل الأفضل له في اعتقادي هو النظام الديموقراطي الإشتراكي وفقا للنموذج الإسكندينافي، لأنه يقوم على كرامة الشخصية الإنسانية، ويوفق بين الحرية والعدالة، ويصون المبادرة الفردية الخلاقة والمشاركة المجتمعية العادلة، ويقيم التوازن الواجب بين مسؤولية الدولة وحرية الفرد. وهو في اعتقادي الطريق الأفضل والأسلم لتجاوز التخلف الى التقدم. وهو، مكيفاً تكيفاً إبداعياً مع حاجات الإنسان في لبنان، طريقنا الى ديموقراطية حقيقية بديلة للديموقراطية الإسمية التي تلفظ أنفاسها الآن.

درويش: تحل علينا الذكرى ال 31 لرحيل “أبو الإنماء” الدكتور حسن صعب، ولبنان بأسوأ أوضاع حياتية يعيشها المواطن … “فقدان الأمن والأمان والأستقرار”. وجرح مرفأ بيروت مازال ينزف بإنتظار العدالة، والشعب الموجوع يترقب ولادة حكومة تعطي جرعة أمل وتفاؤل. وماذا بعد؟!

بغيابك د.صعب مررنا بلبنان بمحن كثيرة وكبيرة وما زلنا نتخبط بهذه المحن من إنفجار مرفأ بيروت المأساوي، إلى هبوط العملة الوطنية، الى انقطاع البترول على أنواعه، الى انقطاع الأدوية وغلاء الأسعار.قطع طرقات وصرخات احتجاج.هل يسمع السياسيون!!

وأصبح المواطن اللبناني يعيش على “التقنين” بل ليس فقط في الكهرباء، بل أيضاً بالمحروقات والخبز والدواء والسلع وحتى بماله.

إنهارت العملة الوطنية والكهرباء الى الإنقطاع، استنزاف أموال المودعين، تعطيل تشكيل الحكومة، والمؤسف ما زالت الطبقة السياسية تنظر في مكان آخر، عين على أسيادهم في الخارج، وعين أخرى على حساباتهم المصرفية، وغير آبهة بمصير شعب بأكمله يعاني من أسوأ أزمة في تاريخ البلد، فقد صنف البنك الدولي الأزمة في لبنان من ضمن الأزمات الثلاث الأكثر حدة المسجلة في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، الى جانب أزمة تشيلي في عام 1929 وأزمة إسبانيا في الحرب الأهلية (عام 1931) يفهم من تقرير البنك الدولي ان الأزمة الحالية أسوأ مما كانت في الحرب (1975-1990).

د.صعب لقد كنت المدافع عن كل حق وكل مظلوم، وكنت سيف الحق في وجه الحاكم والظالم.

عندما يرتحل الكبار يتركون جروحاً عميقة لا تندمل في ذاكرة الفرد والجماعة، التي تفتقد اليوم رموزاً من أوزان قوية، تعيد ضبطها، وتثبت حركتها في ظل أوضاع معقدة، عنوانها الفوضى في الشعارات والعناوين واغتراب يعيشه الواقع بعيداً عن روح مفاهيمه الأصلية.

د.صعب “تأتي ذكراك في هذا العام، والوطن يفتقد حكمتك وفكرك، والوطن في أمس الحاجة إلى مواقفك ورؤاك، لقد أيقظت في المواطن إرادة الحياة ضد الخوف والجوع وأشعلت إرادة الحرية في مواجهة الطغيان والإستبداد. وأطلقت فينا إرادة الإنتصار لدولة الإنسان، سوف نبقى معك في تطلعاتك إلى بناء هذه الدولة دولة الإنسان، دولة المواطنة في مواجهة هذا النظام الطائفي الذي بلغ ذروة أزمته بوصول لبنان إلى إنهيار مالي غير مسبوق نهب موارد البلد وسرق مدخرات المواطنين”. وبات هم المواطن اللبناني الوحيد تأمين لقمة عيشه في ظل الإرتفاع الجنوني للأسعار وعدم ثبات سعر صرف الدولار. ومن جهة اخرى، يعيش المواطن في قلق شديد حول مصير استعادة امواله من المصارف.

واضاف درويش: في ذكرى رحيل حسن صعب كم تحتاج ذاكرتنا الى حوافز ومنشطات من إيحاءاته واشراقاته الفكرية والروحية.

فعندما يرحل الكبار أمثالكم لا بد لكلامهم وآثارهم ان تحفظ بالانفتاح عليها والتفاعل معها، فهم ذاكرة الوطن النظيفة، والوطن اليوم يحتاج الى نظافة العقل ونظافة الفكر ونظافة الكف ونظافة الشعور على الصعد كافة.

د.صعب كان بالنسبة الينا نحن الشباب الأب الروحي والموجه والمربي والباعث فينا الحياة، وراعي طموحاتنا وآمالنا وأحلامنا ومستقبلنا.

لقد كان حسن صعب رؤيوياً في فكره، لم يخضع في قراراته ومواقفه للأمر الواقع، ولم يحصر فكره بالزمن الذي عاش فيه، كان مستقبلياً يرى في المستقبل سعة ورحابة ومحط طموحاته ومنهل أفكاره التي قد لا يستطيع الواقع المتخلف هضمها أو تحملها.

حسن صعب أيها العربي الفاهم لجدية الترابط بين الهوية اللبنانية والهوية العربية عمل من منطلق هذ الفهم.

ومن إدراكه لأهمية التواصل بين الإسلام والمسيحية الذي منح لبنان صفة “الوطن القدوة.. المصفى الإبداعي للوحدة في التنوع، في التمدن العربي والتحضر الإنساني” والذي استفاض في الإضاءة عليه في بنائه الفكري “الإسلام وتحديات العصر”.

 حسن صعب أيها الكبير في العلم والوطنية مازال الوطن يئن من وطأة جراح الحروب.

حسن صعب أيها العقلاني المترع برحيق الإنماء والمحبة لكل إنسان ولكل الإنسان، مازال إنسان الوطن يزداد عطشاً وجوعاً ويفتش عن مسكن وغذاء ودواء.

حسن صعب أيها المبشر بالحرية وداعية الإستقلال والوحدة، يا إمام الحكمة، أيها اللبناني الفذ، أيها المسكون بهاجس المستقبل، أيها المسلم المتنور المتفهم تحديات العصر، إن منابر بيروت مشتاقة إلى كلماتك المضيئة، وإن ندوات الثقافة والهيئات المتعاونة وفية لرسالتك ولبنانك وعروبتك وإسلامك ستبقى هي النبراس وهي البوصلة.

كان حسن صعب يرى ان القيم الأخلاقية هي عنوان كل الأديان، وكان يرى فيه منطلقاً للحوار، لكنه لطالما حذر من ان تضيع في المتاهات الطائفية. فقد كان يرى أن الطائفية ليست ديناً، هي تجمع بشري بعنوان الدين ، هي مرض لبنان، فمنها تنبعث شرارة تهديد السلم الأهلي، ومنها تنبعث المحاصصات وعمليات نهب المال العام، وبها يحتمي الزعماء الفاسدون وحاشيتهم من العقاب، وبسببها تنطلق التحالفات مع الخارج على حساب الوطن. وفي مواجهة ذلك كان يريد ان يؤنسن الوطن، ليعيش الإنسانية في علاقات ابنائه وطوائفه بعضهم ببعض، فدعا الى دولة المواطنة، دولة الإنسان على حساب النظام الطائفي.

لقد تحدث حسن صعب كثيرا عن ضرورة مواجهة ومحاربة الفساد الذي يتلطى خلف الشعارات الطائفية ويستفيد من مناخاتها، حتى كاد يتحول الفساد الى ثقافة عامة.

وكان صعب يحذر من ان ينجح الفاسدون في مواجهة اي حركة اصلاحية، فيقول : “ان كل حركة لمواجهة الفساد الداخلي لن يكتب لها النجاح اذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه في هذه الحمى المذهبية والطائفية التي يسهر الكثيرون على حمايتها ورعايتها، على حساب البلد وأمنه الإجتماعي والسياسي ومستقبل أجياله.

في الإسلام : كتب حسن صعب : في كتبه الثلاثة : “إسلام الحرية لا إسلام العبودية” و”الإسلام وتحديات العصر” و”الإسلام والإنسان” وكأني به يصرخ وبأعلى صوته: “بأن توحيد الله، هو تحرير للبشر، من كل ما يفرقهم!!

لأن الله سبحانه وتعالى، هو المحرر الأول والآخر، فلما لا يتلازم المفهوم القرآني هذا، من منطلق النظرة التوفيقية، التحاورية، الشمولية بين الديانتين العظيمتين، على أساس أن المؤسسة الإسلامية حوارية!! بدليل مجادلتها أهل الأديان والفلسفات والإيديولوجيات، بالتي هي أحسن، خصوصاً وأن رسالة المسيحية والإسلام، غايتها: إيقاظ وعي الإنسانية بالخالق العظيم، المتخلق في نظامية الكون وغائيته، وتحرير الإنسان، تحريراً شاملاً، متسائلاً أفلا لبنان! هو الملتقى الفريد للمسيحية والإسلام والتجسيد الحياتي الخلاق لتلك الرسالة؟؟

بهذا المنطق الحواري البناء ألسنا اليوم بحاجة كأمثال الدكتور حسن صعب؟؟

وتابع درويش قائلاً: نسأل بمرارة منذ متى كان الإذلال نمط حياة اللبنانيين؟ فيتسولون في الشوارع، ويبكون من العوز، وينتحرون من الجوع ؟ ويموتون بسبب انقطاع الدواء، وهل لبنان العقل والفكر والإبداع والنبوغ والنهضة يحجم ويحوّل الى ملكية خاصة تصادره طبقة سياسية وتتصرف به على حساب المصلحة العامة ؟ أيريدون لهذا المواطن ان تركعه لقمة الخبز ؟ لا، فكما أنه لم يركع أمام أي إحتلال، لن يركع اليوم. والمواطن لن يسكت على ما يجري.

وختم درويش قائلاً: وفيما يفصلنا أقل من اسبوع عن الذكرى السنوية الأولى لإنفجار مرفأ بيروت المأساوي في 4 آب، نتمنى إجراء تحقيق عادل ونزيه وشامل وشفاف، “إن عائلات الضحايا وكذلك الآلاف الذين تغيرت حياتهم للأبد بسبب ذلك الإنفجار مازالوا ينتظرون، لأنهم يستحقون العدالة والكرامة.

د.صعب نقف جميعنا اليوم لنعاهدك من خلال وجع ومعاناة شعبنا من العوز والحرمان، وكذلك “الصعوبات الإجتماعية والإقتصادية والمالية والسياسية المتعددة والمتراكمة في البلاد وتأثيرها على الناس”، ناهيك عن جوائح سلالات وباء الكورونا المتحورة التي حصدت أحباء وأعزاء ، يبقى الأمل في قلوبنا لنصل الى بر الأمان.

وندعو القيادة السياسية أن يتعرفوا على الرحمة كي يرحمهم الله العلي القدير ومنه الشعب والتاريخ فيما بعد. ونناشد المعنيين إلى التضحية بالأنانيات والأحقاد والمصالح الشخصية لإنقاذ وطننا لبنان.

ونرجو من الله عز وجل ان يحفظ لبناننا الحبيب من الإنهيار المتسارع ويعجل بإنهاء ادوار القيادة السياسية الفاشلة وإطلاق مسيرة التغيير نحو دول المواطنة.

د.صعب ادع من عليائك، لنا وللوطن، بالخلاص من كوابيس هذه النكبات المتتالية، والتخلص من هذه المنظومة الحاكمة التي أوصلت البلاد والعباد إلى جهنم وبئس المصير.

* 25 تموز 2021 الذكرى ال 31 لوفاة الدكتور حسن صعب.

تجمع الهيئات الثقافية في لبنان يرفع الصوت مطالباً بلجم الكارثة التي تصيب اللبنانيين

بوابة التربية: في مواجهة الكوارث التي يعاني منها شعبنا اللبناني، والتي وصفها البنك الدولي أنّها من أكبر 3 أزمات في العالم، في المرحلة المعاصرة، وجدت بعض الهيئات الثقافية من واجبها أن تجتمع، في مقر الحركة الثقافية – إنطلياس، للتداول في كيفيّة خلاص شعبنا اللبناني من هذه الكوارث. وبعد التداول، تم الاتفاق على إعلان البيان التالي:

أولاً: في بعض المنطلقات والمعطيات:

1.     الايمان الراسخ بسيادة واستقلال الدولة اللبنانية التي كافح الآباء والاجداد لقيامها، واعتبارها أهم انجاز حققه شعبنا في الفترة المعاصرة. لا مساومة في مقتضيات هذا الاستقلال وتلك السيادة ومنها : وحدة السلطة واحتكارها مقتضيات الدفاع والامن ضد الاخطار الداهمة، والاشراف الشرعي الصارم على المعابر البرية والبحرية والجوية من قبل الأجهزة الحكومية ومنع كل اشكال التهريب.

2.     الالتزام بما توافق عليه اللبنانيون في مواثيقهم الوطنية: “نحن مع العرب اذا اتفقوا ونحن على الحياد اذا اختلفوا”. وبالتالي اذا كانت السياسة لكل دولة هي إبنة جغرافيتها، فإنّ للشعب اللبناني امتدادات ثقافية وروحية واقتصادية باتجاه البحر المتوسط وباتجاه المشرق العربي لا يمكنه الإبتعاد عنها او الخروج منها في سياساته الإقليمية والدولية.

3.     مواجهة أطماع العدو الإسرائيلي في  أرضنا وثروتنا النفطية والغازية بحراً، وثرواتنا المائية براً، والتمسك بالخط 29 الذي طرحته قيادة الجيش وضرورة تعديل إحداثيّات المرسوم 6433 لتتناسب مع هذا الخط التقني والقانوني، ورفض كل مساومةٍ في مجال ترسيم الحدود الجنوبية للمنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة، وكذلك ضرورة مبادرة المسؤولين وفي طليعتهم رئيس الجمهورية لإرسال ملف تعديل الإحداثيّات لذاك المرسوم الى الأمانة العامة للأمم المتحدة فوراً. والتأكيد القاطع بأن الحدود البرية مرسّمة منذ كانون الأول 1949 والمطلوب تثبيت هذا الترسيم ليس أكثر.

4.     إنّ الجريمة الكبرى التي حصلت بحق الشعب اللبناني بنهب  مدّخراتهم وأموال الدولة من قبل المنظومة المسيطرة في السياسة والمصارف والتي طاولت، على الأقل أربعة أجيال من اللبنانيين والمودعين غير اللبنانيين، وتقاعس المسؤولين عن القيام الفوري بالخطط اللازمة لمعالجة هذه الكارثة باستعادة المال المنهوب، كل ذلك هو مجال ادانة من هيئاتنا الثقافية.

5.     إنّ التقاعس في كشف مسببات جريمة مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والإحجام أيضاً عن كشف المسؤولين الحقيقيين عن هذه الجريمة هو إيغال في تجاهل عوامل الفساد واللامسؤوليّة التي أدت إلى تعطيل المرفأ وسقوط مئات الشهداء والمعاقين وتدمير وتهجير ربع أبناء العاصمة بيروت.

6.     توقفت الهيئات المجتمعية عند تصاعد سعر الصرف العالي للدولار بالمقارنة مع الليرة اللبنانية وتحميل الفقراء والطبقات الشعبيّة عبء الأزمة وتكاليفها، ونتائج ذلك على مختلف الصعد، ومنها:

1.     تدهور خطير للقدرة الشرائية لمداخيل المواطنين، وقد اصبح أكثر من 70% منهم تحت خط الفقر.

2.     ارتفاع أسعار الإستهلاك بنسبة 145% (كانون أول 2019 – 2020 / وحوالى 33%  (كانون اول 2020 – أيار )2021 بالرغم ما قيل أنّه إنفاق من قبل مصرف لبنان على الدعم.

3.     تفاقم الأزمات في قطاع الاستشفاء والأدوية، والقطاع التربوي والجامعي، وقطاع البنزين والغاز والمازوت وانعكاسها على المواطنين وإذلالهم على المحطات.

4.     هبوط متوسط دخل الاسرة من 2727000 ل.ل. (أي ما كان يساوي 1800$) عام 2019 الى 180$ حالياً تقريباً. مع شبه استحالة لتصحيح الرواتب والأجور.

7. لفت المجتمعون إلى خطورة تلوث المياه وتشويه الجغرافية اللبنانيـة، واغتصاب الأملاك البحرية والنهرية وسوء استعمال الأوقاف المسيحية والإسلامية والغش الموصوف في السلع الغذائية المختلفة. كما توقفوا عند مشكلات النزوح السوري الى المناطق اللبنانية وما يرافقه من ولادات لأطفالٍ مكتومي القيد (75%) واالعمل على مساعدة هؤلاء النازحين للعودة الكريمة إلى بلادهم. وبموازاة ذلك تزايد مخيف في أرقام الهجرة وبخاصة من الشباب والكفاءات الوطنية من المهندسين والأطباء والمهن الحرة الأخرى حيث هاجر 150 الف عام 2020 وهناك 450 الف طلب هجرة جديد في العام 2021، وكذلك خطورة مشاريع التوطين وهندسة الشعوب الحاصلة في المشرق العربي.

8. توقفت الهيئات أيضاً عند خطورة تجيير الموارد العامة لتوزيع منافع خاصة، وتعاطي أكثرية السياسيين مع الدولة وكأنها إرث لهم. أدّى هذا الوضع الى التردي الكبير لفعالية الدولة التنموية، باعتبار أن توزيع المواقع والموارد والتنفيعات كان يجري لمصلحة المحاسيب، وأن التمثيل في الإدارة العامة كان يتم على حساب الإستحقاق والإنتاجية. وهكذا تحوّل الإقتصاد الى “اقتصاد قائم على النهب” مع استشراء ممارسات نهب الموارد العامة سواء جاءت من السياسيين أو من الإداريين. وهكذا برز منطقان يتصارعان:

الأول تمثله منظومة السياسيين وقد عملت على تجيير الموارد العامة للمنفعة الخاصة (وهذا يعني وجود دولة الزبائنية السياسية)، والثاني تمثله الإدارة القانونية والعقلانية التي تلتزم بالقوانين الوضعية غير الشخصية في توزيع الموارد (وهذا يتمثل بدولة التنمية المستدامة التي نسعى لقيامها)

9.إنطلاقاً من يقين هيئاتنا بأنّ القضاء هو أساس الاستقرار في كل مجتمع اذا التزم بالعدالة وسلطة القانون والاستقلالية في ممارسة مهماته. في هذا المجال تقف هيئاتنا الى جانب نقابة المحامين في مطالبتها باستقلالية القضاء وتطبيق قانون الاثراء غير المشروع ابتداءً من الجسم القضائي وصولاً الى أهل السياسة والإدارة العامة وغيرها من مجالات الفساد المحتملة.

ثانياً: في الموقف:

إنّ هيئاتنا الثقافية تعتبر الخروج من الكوارث الحالية أمر واجب، وهذا يتطلب قيام حكومة تتمتع بصلاحيات استثنائية ويتمتع أعضاؤها بالكفاءَة والحزم ونظافة الكف. من أولويات هذه الحكومة احترام المواعيد الدستورية لتجديد كافة المؤسسات النيابيّة والبلديّة والسهر على وضع عقد اجتماعي واقتصادي وسياسي جديد ينطلق من اتفاق الطائف ويتطور تطبيقه باتجاه مستقبل أفضل ويحافظ على حقوق الانسان اللبناني بما يتفق مع الشرعة العالمية لحقوق الانسان وملحقاتها. ويتم استحداث قوانين جديدة لازمة الوجود، وتطبيق بعض القوانين الجيدة ومنها القانون رقم 189 الصادر عام 2020 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد 41 تاريخ 22 تشرين الأول من العام نفسه. وهو يتعلق بوجوب التصاريح عن الذمم المالية والمصالح ومعاقبة الاثراء غير المشروع. فعلى سبيل المثال إنّ فتح مظاريف ومغلّفات التصاريح المختومة من قبل الرؤساء والوزراء والنواب وحاكم مصرف لبنان وجموع الإداريين وسواهم، وطلب مقارنتها مع الملكيات المسجلة وغير المسجلة لهم ولزوجاتهم واولادهم القصر في لبنان والخارج، هو المدخل الصحيح لاستعادة المال المسروق ومحاكمة المرتكبين وضرورة المباشرة فوراً بالتحقيقات الجنائيّة . 

انطلاقاً من الشعور بمسؤولية الهيئات الثقافية المجتمعة عن المصالح التاريخية للشعب اللبناني تم الاتفاق على اعلان من يلي:

1.     تأليف لجنة متابعة من مندوبي دار الندوة، المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، المجلس الثقافي لبلاد جبيل، الحركة الثقافية-إنطلياس.

2.     الإعلان عن إعتصام رمزي للهيئات الثقافية والمثقّفين أمام المتحف الوطني في موعدٍ قريب يُحدّد لاحقاً، وذلك تعبيراً عن استنكار الألام المتراكمة التي يعاني منها شعبنا، والمطالبة بحكومة تكون مدخلاً  متمكّناً من الدفاع عن مستقبل الوطن ومصالحه العليا.

3.     دعوة الشعب اللبناني داخل الوطن وفي بلدان الاغتراب للاستنفار الشامل دفاعاً عن الدولة اللبنانية ووحدتها واستقلالها وسيادتها ضمن كامل حدودها البرية والبحرية في مرحلة تُصاغ فيها خرائط جديدة وتوزيع مناطق النفوذ في المشرق العربي.

إن النخب الثقافية اللبنانية تقف أبداً مع الشعب اللبناني في مواجهة كل الاخطار المهددة لقيم الحرية والسيادة والاستقلال، وستقاوم مع الشعب كلّ مشاريع الإلغاء لخصوصية لبنان وتحويله عن دوره النهضوي مجتمعاً رائداً للمعرفة والتنوع والتفاعل الحر إلى دولة مهيضة يحكمها الإرهاب والتخلف، وتتقاسمها شراذم التبعية والعمالة لهذه الجهة او تلك.

النادي الثقافي العربي، المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، دار الندوة، مجلس قضاء زحلة الثقافي، لقاء الإثنين- كسروان، الحركة الثقافية في بسكتنا والجوار، التجمّع الأكاديمي للأساتذة الجامعيين، المجلس الثقافي لبلاد جبيل، منتدى الفكر  التقدّمي، لجنة حقوق المرأة اللبنانية، الحركة الثقافية- إنطلياس.

شهادات في منهج جان داود: العلاج باللعب والفن والإبداعية

بوابة التربية: قراءة وإعداد عماد الزغبي: العلاج باللعب والفن والإبداعية منهج جان داود، هو أسم المادة التي درس د. دواد  ويدرّس في إطارها منهجه لطلاب الماستر في علم النفس، بتفرعاته في الجامعة اللبنانية. وفي كتاب أعدته كريستيل نصار، جمعت فيه وباللغات الثلاث العربية والأنكليزية والفرنسية، مساهمات فكرية لثمانية إختصاصصين نفسيين، تناولوا القيمة العلاجية للعب الإبداعي بحسب منهج د. دواد، ومقارنته مع أنواع العلاج الأخرى، وتقنية وإستمرار لجلسات العلاج، كما شخصية المدرب- المكون، والسعي إلى الذات في الإنسان.

 وهؤلاء الإختصاصيون تابعوا مع د. جان داود تكويناً بحسب منهجه منذ بداية العام 2013. علماً أن داود يعمل على تطوير منهجه العلاجي والذي بدأ بتكوينه والتأسيس له منذ العام 1981.

تتكلم رشا الإبراهيم الاختصاصية في علم النفس العيادي عن تجربتها مع منهج د. داود: التجربة الإنسانية التي أكتسبناها خلال جلسات العلاج باللعب والفن، كانت أكبر تجربة مررت بها في حياتي، لأنني من خلالها أكتشفت معاني أكبر للحياة وأوجهاً مختلفة لها.

وتخاطب الإختصاصية النفسية غنى حيدر، صاحب المنهج الكلي البروفسور داود، بقولها: “نعم لقد حررتم ذلك الطفل الكامن في داخلي منذ دهور، نعم لقد أعدتموه ثانية إلى حياتي المُعاشة، ليلعب ببراءة وليفرح وليرتح وليسترسل بالفرح والرقص والقفز والغناء مع الطيور”.

وتتناول الإختصاصية النفسية دلال الحلبي، القيمة العلاجية للعب الإبداعي بحسب منهج جان داود، ومقارنته مع أنواع العلاج الاخرى، إستناداً إلى تجربة وتطبيق مع مختلف الأعمار ومع ذوي الحاجات الخاصة.

وترى الحلبي أن منهج داود يعمل على تنمية الإبداعية ويعزز مهارات الإصغاء، ويساهم في ضبط إيقاع الجسد، وفي تحقيق التوازن النفسي وتعزيز الثقة بالنفس.. كما أنه يطال في استخداماته وفاعليته جميع الأعمار، من أطفال وراشدين ومتقدمين في السن. وتقدم الحلبي أمثلة وشواهد على طريقة العلاج..

وتتحدث الإختصاصية النفسية ريبكا سبانيولي، عن تجربتها مع د. داود، وتمكنها من التعبيرباللغة العربية التي لم تكن تتقنها، وكيف تحولت من الكتابة من اللغة الفرنسية إلى العربية، وكيف أثرت شخصية المكون (جان داود) على تطورها، وكيف بات لاحقاً هذا الأسلوب أو المنهج، أشبه بالعلاج.. وكيف أكتشفت نفسها من خلال الكتابة، وكيف تفجرت “براكين الأفكار والمشاعر بداخلها من خلال جلسات العلاج باللعب والفن والإبداعية”.

تُقسم الإختصاصية النفسية رانيا طالب، تجربتها مع منهج د. داود إلى مرحلتين: الأولى تتناول مشاركتها كـ”مفحوصة” أو متدربة، أي أن تكون فرداً من أفراد المجموعة التي تتابع الصف أو الدورة التدريبية، والمرحلة الثانية، تتناول مشاركتها كمنشطة نفسية أو مشرفة أو معالجة أو فاحصة مع مجموعة آخرى، قامت بمتابعتها بموجب منهم جان داود.

وأكتشفت طالب أن اللعب وهو عصب جلسات العلاج بالفن، يحمل أمراً جديداً مختلفاً تماماً عما تعودت عليه في جلسات العلاج بحسب المدارس الآخرى، وتتابع: في منهج داود، المشرف هو جزء من المجموعة ويكون معها وليس عليها.

وتشير الإختصاصية النفسية رانية الصّوص إلى أنها ومن خلال العلاج باللعب والفن والإبداعية، أستطاعت أن تجد طريقها إلى ذلك الطفل المنسي أو المقموع في داخلها. فكان اللعب شعاع النور الذي تسللت عبره إلى ذاتها، لتلتمس مواطن القوة والدعم، والمحافظة على العفوية الإنسانية التي تُخلق بها.

وتتناول مقالة الصّوص، ما لمسته من عمق وسرعة فاعلية هذا المنهج كمتدربة، وبالتالي كمدربة ومعالجة نفسية أبان عملها مع المنظمات غير الحكومية في الدعم النفس- إجتماعي للاجئين فلسطينيين وسوريين في مخيمات لبنان.

ويتحدث الإختصاصي النفسي جمال ياسين عن شخصية المدرب- المكون، أستناداً إلى تجربته في مختبر البروفسور داود.

ويرى أن الحقبة من التدريب جعلته يلامس ويدرك شخصية المدرب، بما نحمل من مكونات ومقومات وصفات، وأنماط وسمات يمكن لها أن ترتكز على ركائز ثلاث: الثقة والعلم والموضوعية.

ورأت الإختصاصية النفسية كارولين حنا، أن البروفسور داود أنشأ مدرسة فكرية تحمل أسلوباً ومنهجاً واضحين، مدرسة تكرس مبدأ اللا نفعية وتحمل “القداسة المدنية” أو “الصوفية المدنية” شعاراً لها، متسلحة بالإبداية، إبداعية تفرض نفسها في كل حالة جديدة.

وتقول: من ينشيء هكذا منهج مدعو إلى إعلان مدرسته، من أجل فائدة وخير الفرد والجماعة، ومن أجل أستمرار المنهج أيضاً، لما يحمله من حركة وطاقة للذات الإنسانية.

“مخطط الضم، التحديات وسبل المواجهة” كتاب جديد عن الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال

غلاف كتاب مخطّط الضم

بوابة التربية: نشرت الحملة الاكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والضم كتابها الجديد تحت عنوان “مخطّط الضم، التحدّيات وسبل المواجهة” شارك فيه وحرّره د. رمزي عودة، منسّق الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والضم.

قدّمت للكتاب الدكتورة سنية الحسيني، واشتمل على 18 بحثاً محكّماً من قِبل باحثين فلسطينيين، هم: د. وليد سالم، د. خالد شعبان، د. جمال عبد القاضي، أ. فادي أبو بكر، د. عبير عبد الرحمن، د. إلهام الشمالي، د. مازن العجلة، د. أشرف أبو خيران، د. محمد عكة، د. أحمد عطية حماد، أ. حمدي علي حسين، أ. محمود زيدان، د. ختام أبو عودة، د. ابراهيم الغروف. ود. عبد الرحمن التميمي. كما تضمّن الكتاب بحثين لباحثين لبنانيين، هما: د. فداء أبي حيدر، ود. ليلى شمس الدين.

وطالب د. رمزي عوده الجهات ذات العلاقة، بالاستفادة من نتائج الأبحاث العلمية الواردة في الكتاب، من أجل ترشيد السياسات العامة في مواجهة الاحتلال والضم، موضّحاً أنّ الكتاب يتضمّن أبحاثًا مهمّة تناولت المحاور التالية:

–       تحديد مفهوم الضم في الفكر والممارسة الصهيونية.

–       البحث في التحوّلات الدولية والاقليمية والوطنية التي أدت الى المضي قدماً في عملية الضم.

–       توضيح مخاطر الضم على القضية الفلسطينية على الصعد: السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والبيئية كافّة.

–       البحث في تحديد آليات التصدّي لمخطّط الضم على الحقول: السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية كافّة.

–       بناء استراتيجية وطنية فلسطينية شاملة لمواجهة مخطط الضم.

كما شكر الدكتور عبد الرحمن التميمي رئيس اللجنة العلمية لهذا الكتاب جميع الإخوة والأخوات الباحثين فيه، آملاً أن يساهم في سد الفراغ في المكتبات العربية في حقل دراسات الضم والاحتلال.

“مخطط الضم، التحديات وسبل المواجهة” من إصدار مؤسسة دار الشروق، ويتضمّن 340 صفحة من القطع المتوسط (A4).

*الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والضم،

رام الله -غزة، أيار 2021.

الناقد عماد فغالي يقرأ في كتاب “آداب التصرّف” للدكتورة ليلى شمس الدين

غلاف كتاب آداب التصرّف للدكتورة ليلى شمس الدين

بوابة التربية: قدم الأديب والناقد الدكتور عماد يونس فغالي قراءة في كتاب “آداب التصرّف” للدكتورة ليلى شمس الدين، وكتب قائلاً:

آدابٌ… في جذر!

عندما عرفتُ أنّ لكِ كتابًا في آداب التصرّف، أدركتُ أنّكِ تكتبين في مجالكِ. وعندما صار الكتاب بين يديّ، لم أتمالكْ عن تصفّحه في انشغالاتي، وللتوّ. لكن دعيني أتوقّف على غير عادةٍ فيّ على إهدائكِ لي القابع في الملء، المتربّع في الثقة. قلتِ تعرفين أنّي أختزنُ في أعماقي ما يخوّلني التعمّق في هذه الصفحات، وتنتظرين كما عهدي، الأفكار التي ترفع… ني، اسمحي لي، إلى التفاعلِ مع ربّةِ المعرفة في المادّة، ولن أضيف.

وأعودُ أدراجي إلى العنوان، يستوقفني، بل هي “الآدابُ” تفعل. أنا الغائصُ في الأدب، مفهومَ الكلمة، أعود هنا إلى الجذرِ، لأتبيّنَ كم الآداب أوّلاً منظومة قيميّة وسلوكيّات، بل تواصلٌ وتميّز، وهذا دعوتِه فنونًا… أمّا التصرّف فليس إلاّ مخروجَ الإنسان وتعبيراته، التي لا تكون إلاّ تماسًا مع الآخر. وهذه آخَريّةُ (altruisme) طبيعته.

كتابٌ جميلٌ شكلُه، صغيرٌ حجمُه، يشبه مضمونه القائل: ليس المعلّمُ المحاضرَ في الصفّ، جامعيًّا أو مدرسيًّا، بقدر ما هو شاهدٌ في “آدابه” على كلامه… هذا كتابٌ معلّمٌ وافٍ في مادّته. قال كلّ شيء في قليل ما قال. وهو موجّهٌ لذوي الاختصاص، في ما قدّم من مصادر ومراجع استند إليها وما شكّل من مادّةٍ بحثيّة قابلة للتعمّق والتوسّع. كما صالحٌ لأرضيّةٍ مجتمعيّة بسيطة، تعتمد قولاته أسسًا مسلكيّة وتفاعليّة لجماعةٍ تقتفي التعاطيات السلاميّة والارتقاء…

قد تعتقد المؤلّفة، أنتِ، أنّكِ قدّمتِ عملاً بسيطًا. صحيح، والبساطةُ تصنع الجمال. دعيني ليلى أبوح بإيجابيّةِ الطرح لا السائدة، بل الوحيدة والفريدة. في مكانٍ طرحتِ لاءات، وجّهتِ إلى تجنّبات، لكنّها جاءت كلّها في مسارٍ إيجابيّ، يخدمُ الحلاوةَ في التعاطيات. أن نقول لا للسوء، هو في ذات الفعل نعم للحُسن…

أمنيتي، أن يكون الكتابُ هذا ككتاب الصلاة، في المتناوَل العامّ، في أيدي الكلّ، جماعاتٍ وأفرادًا. لا مرجعًا وحسب، بل خارطةَ سلوكٍ مجتمعيّ وإنسانيّ، يهدي إلى ترفّعاتٍ علائقيّة تطالُ القِمم!!

الناقد عماد فغالي
  • آداب التصرّف: فنون التواصل والتميّز، صادر عن دار البنان.

نهر الحاصباني

نهر الحاصباني

بوابة التربية- كتب يونس محمّد علي زلزلي: افترّ ثغر جبل الشّيخ عن غمامته وعمامته؛ فهدرَ الحاصباني بعد أن غذَّتْه أمصال السّماء وأرضَعَتْهُ  أفضال الشّتاء من حليب الغيم المُقَدّس والمُغَمَّس بقلوب الأنبياء، ليدلق صَبّ الحُبّ على خدود وادي التّيم قُبلًا كوثريّة، نازلاً من الجبال سهلًا على ضفّة المنال، غير ممتنعٍ في كفّة النّوال. يراود عيون حاصبيا وقراها عن مائه؛ فلا تستعصم من غواياته، وتمتاح وابِلَه وصالًا من عشقٍ مجنون يغمر أشجار الكينا والحور والصّفصاف والزّيتون، ويعبّ النّاس من دنانه سُلاف الحنين، ويردّدون سقى الله أيّام الشّتاء. قد استُعِيدَت مربعانيّة كوانين، وعمّ السّعد بخمسينيّة السّعود في شباط وآذار، واستقرضت المستقرضات كلَّ الفحمات الكبار للعمّ الهدّار آذار، وضاقت بنيسان السّبل، فشَمَّرَ عن  صقعتِه مستقويًا بثلج الجبل، وهجم على بدايات الرّبيع بشتوةٍ كانونيّة تُحَيّي الأرضَ، وتُحيِي الإنسان.

النّاقورة بقيع أرضٍ ورقيع سماء

بوابة التربية- كتب يونس محمّد علي زلزلي: بين لبنانَ وفلسطين، تتصاعد النّاقورة كأنّها سُلَّمُ الجنوب الواصلِ إلى السّماء وسلامُه المحروسُ بالقُبَّعاتِ الزّرقاء. هي النّاقورة الّتي نستجلي اسمَها، فنجدُه في المعنى حفّارةً. وهي كذلك فعلًا، تلقّنُ أبناءها الوطنيّةَ في الصِّغَر، مثلما تنقشُ بطولاتِها على الصّخورِ مُقَاوِمَةً لا تلينُ ولا تهون.
والنّاقورةُ رأسُ لبنانَ الّذي تسطعُ فيه شمسُ السّماء، ويرتفعُ في أعلى تلالِه (اللبّونة) العلم اللبنانيّ يرفرفُ بنسيمِ العزِّ والعنفوان. وأهلها الصّامدون معتصمون بالوطن والعَلَم، ومُستَعصِمون بالإيمانِ والعِلْم. يكتبونَ حكاياتِهم مثلَ موجِ البحر فوقَ برجِ الصّخر روّادًا وميامين في هذا المدى الفيروزيّ، حيث يحلو الحرفُ والحُبّ من شعاعات الذُّكاء ويراعات الذَّكاء، علمًا وأدبًا وثمارَ معرفةٍ أزهرَت وأينَعت. فتماهت مع زهر البرتقالِ أريجًا يفوح زكيًّا من تلك الأرضِ الطّهور… هي النّاقورة وفي حدّها الحَدّ وامتداد الحبّ خلف الحدود. نعانِقُ فيها أطيافَ القرى السّبعِ وفلسطينَ السّليبة.
في النّاقورة كرامٌ عامليّونَ، يتجذّرون بأصالةِ الانتماء، يتحدّرونَ من سُلالةِ الوفاء. على أرضهم ومنها، يغدو للحياة طعمٌ آخر. فالرّياح هنا هي الجناحُ الّذي به يحلِّقون في فضاء الدّنيا مغامرينَ وطامحين. نراهم طيورًا تهدلُ في سماء الوطنِ أنشودةً من يقينِ الرّجاء، ونسمع صدى أصواتِهم تتلهّجُ بالأملِ ولا تتلجلجُ عن طلبِ الخير والحقّ.
هي النّاقورة المقدودة من صلابة صخور الجبالِ والمنبجسة من عذوبة الماءِ وخضرةِ المكانِ وظلالِ الأشجار. تمتدُّ جذورُها في الأرض، وتتعالى فروعها هِمَمًا وقِمَمًا من الصّمود والثّبات. هي الورد المخبوءُ في ضفائرِ الحقول، والكنزُ المرصودُ في مغاورِ الجبال واللؤلؤُ المكنونُ في خاطرِ ذلك البحر الأزرق القريب. من ربوعِها، نستسقي الماء لوجهِ الوطنِ العطشانِ. لعلّه ينتعشُ باخضرار بهائها وافترار ضيائها.
النّاقورة كلمةٌ علويّةٌ من معجم الجنّة. هي ناقورةَ الجبلِ والشّاطئ، الّتي تبسطُ مَدَّها الحالمَ على خدِّ البحر أناشيدَ جمالٍ وأغاريد فرحٍ وأحلامًا ورديّة. النّاقورة أسوارةُ عروسٍ جنوبيّة مشغولةٌ من ذَهَبِ عقول أهلها وقلوبهم. فسلامٌ على النّاقورة وما فيها ومن فيها؛ وأول أسمائها وأجملُ أسمائها الشّهداء. سلامٌ على أهلِها الصّامدين ينحتون بين الصّخر والماء بقيع أرضٍ هي أقرب أن تكون رقيع سماء.

اتحاد الكتّاب الّلبنانيّين ينعى الشاعر والأديب بلال شرارة

بوابة التربية: اتحاد الكتّاب الّلبنانيّين  ينعى رئيس الحركة الثقافية في لبنان  الشاعر والأديب والمبدع بلال شرارة وقد جاء في بيان النعي: جفّت عروق التين، يبست أوراق الزيتون، فما كان من عاشقهما الا الرحيل. رحل بلال شرارة بعد ان تسمر في الأرض مقاومًا لا يعرف الاستكانة ولا يتسلل الى قلمه النعاس. الحرف سلاحه الأمضى وكلماته حد السيف، والثقافة حصنه المنيع تتفرع منه قلاع هي مؤسسات تنبض إبداعًا، تحرسها بلابل الشعر والنثر والرسم والفن والأدب . رحيل بلال شرارة خسارة ثقافيّة وفكريّة ونضاليّة ، انه احد أعمدة الإبداع على انواعه. اتحاد الكتّاب الّلبنانيّين الذي سكن قلب وعقل الراحل يودعه بحزن بالغ وأسى كبير ويتقدم من ادباء لبنان وشعرائه ومثقفيه ومن الحركة الثقافية في لبنان ومن عائلته الكريمة بأحر التعازي اننا نسأل الله ان يتغمده بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جنانه وان يلهمنا وأهله وقادريه الصبر والسلوان.

فيض الرّبيع امرأةٌ ومعلّم

بوابة التربية- كتب يونس زلزلي:

آذار بوحُ سِرِّهِ امرأةٌ، وفَوْحُ عِطْرِهِ مُعَلِّم. فمن سُهادِ المرأةِ وفؤادها، ومن مِداد المعلّم وجهاده، ينبجسُ ماء الأعمار؛ فلا ننحبس بالخوف والجهل بين الأسوار.

تشتعلُ المرأةُ عَناءً؛ فلا ننطفئ. ويشتغل المعلّم عطاءً؛ فلا ننكفئ. تبسطُ المرأةُ حرير القلب؛ فتُقَرّ المُقل. وينقطُ المعلّم حروف الحُبّ؛ فيُسَرّ العقل.

آذار وَردُنا مبشّرًا بالرّبيع، ووِردُنا من أصفى الينابيع. فلا نُزهرُ إلّا من كوثر المرأة، ولا نُثمرُ إلى على بيدر المعلّم. نعترفُ بأنّا نقترف فعل النّسيان طيلة العام، لكنّنا نعود في آذار، لنغترفَ من مَعينِ ثامنه وتاسعه إكسير النّماء والبقاء. يحدونا الوفاءُ ألّا نتنمّرَ بعد اليوم على امرأة، وألّا نتنكّرَ بعد اليوم لفضل معلّم. فمع المرأةِ أمًّا، تهجّأْنا أوائل الفصاحة؛ فتَمَوْسَقَتْ. ومع المعلّم دومًا، تهجّدنا نوافل الحصافة؛ فتمَنْطَقَتْ.

بين كَدّ المرأة، وجِدّ المعلّم صار الوَجْدُ نبضًا، وصار المجدُ فرضًا. نشقى؛ فنَرقى إلى سِدرةِ جنّةِ الحُبّ، وإلى سماء العلم السّابعة. فمن شعاع امرأةٍ، تضوَّأْنا الصّباح، ومن يراع معلّمٍ تبَوَّأْنا النّجاح. كأنّ نارَ الحياة بهما بردٌ وسلام. فهما صدًى من صوت الله الرّحيم، وظلٌّ من فردوسه النّعيم. وبين كفّيْهما، نتوسّدُ حصائر الرّحمة، ونتوسَّمُ بشائر النّعمة، ومن أكمامهما البيضاء، ينبثقُ اخضرار الثّرى بالضّياء، ويأتلق افترار الورى بالرّجاء.

*(لوحة الفتاة والمعلّمة) للفنّان التّشكيليّ الإيرانيّ إيمان ملكي