يعاني ملايين الفتيان والفتيات من العنف المدرسي سنويّاً، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير جديد لليونسكو ومعهد درء العنف المدرسي في جامعة إيهوا للإناث في سول في جمهوريّة كوريا. ويُذكر أنّ 34% من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 13 عاماً تعرضوا للمضايقات خلال الشهر الماضي، و8% يتعرضون لهذه الممارسات يوميّاً، وذلك وفقاً للبيانات التي جمعت من 19 بلداً من البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل، والتي أخذت بالاعتبار في التقرير المعنون “التقرير المرحلي العالمي: العنف والمضايقات في المدارس”.
قدّم التقرير بتاريخ 17 كانون الثاني 2017 خلال اجتماع دولي عقد في مدينة سول، بعنوان: “الندوة الدوليّة للعنف والمضايقات في المدارس: من الأدلّة نحو العمل”، والتي تهدف إلى دعم الجهود العالميّة لضمان تمتّع جميع الأطفال والمراهقين بحقهم الأساسي في التعليم في بيئة تعليميّة آمنة. ونظّمت هذه الندوة بالتعاون بين كل من اليونسكو ومعهد درء العنف المدرسي في جامعة إيهوا للإناث. وبهذه المناسبة، قالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا: “يعتبر العنف والمضايقات في الأوساط المدرسيّة انتهاكاً فادحاً للحق في التعليم.” كما أضافت قائلة: “ويندرج كل من الندوة والتقرير في إطار جهود اليونسكو للحفاظ على المدارس والبيئات التعليميّة الأخرى آمنة للجميع.”
وقد ثبت أنّ للعنف والمضايقات المدرسيّة مثل المضايقات الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة آثارا سلبيّة على عمليّة تعلّم الطلاب. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة أجريت عام 2010 في المملكة المتحدة على مجموعة من الأطفال في سنّ السادسة عشرة أنّه من المرجّح أن يتضاعف احتمال تعرّض الأطفال الذين يعانون من العنف والمضايقات في هذا العمر للتهميش الدائم في مجالات التعليم والتدريب والتوظيف. أما الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و 33 عاماً، فتظهر الدراسة أنّهم يتلقون أجوراً أقل من أقرانهم. وبالإضافة إلى ذلك، يطال العنف والمضايقات في المدارس الصحة البدنيّة والعقليّة والعاطفيّة للطلاب. وذكر تقرير اليونسكو مجموعة من الدراسات التي تظهر أنّ الأطفال والشباب الذين تعرّضوا للمضايقات الناجمة عن معاداة المثليّين في خطر متزايد للإصابة بالتوتّر والقلق والاكتئاب وقلّة الاعتزاز بالنفس والعزلة والتفكير بإيذاء أنفسهم أو حتى الانتحار.
ويظهر التقرير المرحلي العالمي أنّ العنف المدرسي ينتج عن وجود ديناميات قوى غير متكافئة غالباً ما تعززها المعايير والميول الجنسانيّة والصور النمطيّة وغيرها من العوامل التي تساهم في زيادة التهميش، مثل الفقر والهوية العرقيّة واللغة. وفي عام 2016، جرى تنظيم استطلاع للرأي العام شارك فيه 100 ألف شاب من 18 بلداً بشأن قضيّة المضايقات في المدارس. ووفقاً لهذا الاستطلاع، أفاد 25% من المشاركين أنّهم تعرّضوا للمضايقات في المدارس بسبب مظهرهم الخارجي، في حين أفاد 25% آخرون أنهم تعرضوا لهذا النوع من العنف بسبب ميولهم الجنسانيّة، كما قال 25% آخرون أنّ سبب تعرضهم لهذا العنف يعود لهويتهم ولأصولهم العرقيّة.
ويقدّم التقرير كذلك توصيات بشأن مجموعة من الأولويّات الواجب اتخاذها من أجل معالجة قضايا العنف والمضايقات في الأوساط المدرسيّة، ولا سيما تقوية الروح القياديّة وزيادة الوعي وإقامة شراكات وإشراك الأطفال والمراهقين، وبناء قدرات الكوادر التعليميّة، ووضع نظم إعداد التقارير وتحسين أساليب جمع البيانات والأدلّة.
والندوة التي نظّمت في مدينة سول تقدّم للمجتمع الدوليّ فرصة لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2016 بشأن حماية الأطفال من المضايقات. ويذكر أنّ الندوة ضمّت أكثر من 250 مشاركاً من 70 بلداً مختلفاً.
وعمل المشاركون في الندوة على وضع مجموعة من التوصيات بشأن محاربة العنف والمضايقات في الأوساط المدرسيّة. كما نظروا في مجموعة من الطرق لإنشاء منبر جديد لتقوية عمليّة رصد التطوّر في المنطقة في ما يتوافق مع الهدف التنموي الرابع المعني بالتعليم بالإضافة إلى الأهدف التنموية الأخرى.
وفي هذا السياق، قالت البروفيسورة يو كيونغ هان، مديرة معهد درء العنف المدرسي في جامعة إيهوا للإناث: “تتمثّل الخطوة الأولى لدرء العنف والمضايقات في البيئات المدرسيّة في فهم حجم وطبيعة المشكلة ولا سيما المعدلات المتزايدة لممارسات التنمّر عبر الانترنت والتي تعود للنمو السريع لاستخدام الانترنت والتكنولوجيات الأخرى.” وواصلت كلامها مؤكدة أنّ “الأخطار المحدقة للعنف والمضايقات في الأوساط المدرسيّة تشكّل تحدياً في البلدان كافة، ولا بدّ من حشد الجهود العالميّة لمعالجة هذه القضيّة”.
وبدوره أعرب نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم الكوري عن آماله قائلاً: “نأمل أن تمكّننا هذه الندوة من مشاركة أفضل الممارسات ومناقشتها بعمق من أجل منع العنف المدرسي والتقليل من آثاره، بالإضافة إلى إيجاد مدارس آمنة لجميع الطلّاب.”
وتناولت ورقة بحثيّة جديدة متعلّقة بالسياسات، سيتم نشرها من قبل تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم، مجموعة مختارة من الدراسات الاستقصائيّة التي تنفّذ على الصعيد الوطني أو عبر الحدود الوطنيّة حول قضيّة العنف المدرسي. حيث ستقدّم هذه الورقة مجموعة من المشاريع المعنيّة بزيادة فهمنا لقضية انتشار العنف المدرسي حول العالم.