بوابة التربية- كتبت أميرة عدنان الشوبكي*:
يُقدم المقال فحصًا وتحليلًا لعناصر موضوع إدارة الجودة الشاملة في التعليم العام، باعتباره المحور الأهم لتطوير المنظومة التعليمية والتربوية، من أجل التركيز على المخرجات النهائية للمنظومة التعليمية، والمساهمة في إنتاج كوادر بشرية مؤهلة ومدربة لقيادة مؤسسات الدولة والنهوض بها نحو تحقيق مسيرة تنموية ناهضة، واللحاق والاصطفاف في مصاف الدول الأكثر تقدمًا، من خلال تطبيق عناصر ومعايير الجودة الشاملة داخل المنظومة التعليمية.
مفهوم الجودة الشاملة
من أبرز التعريفات التي اتسمت بها الجودة الشاملة بأنها “القدرة على تحقيق رغبات المستهلك أو المستفيد بالشكل الذي يتطابق مع توقعاته، ويحقق رضاه التام عن السلعة أو الخدمة التي تُقدم إليه”. يتم التركيز في تطبيق المفهوم على جوانب عدة لتحقيق جودة المنتجات والخدمات، وهي:
العمليات التي يتم إجراؤها على المنتج أو الخدمة، بدايةً من التخطيط لها، حتى تقديمها في شكلها النهائي.
تعزيز العمل الجماعي وروح الفريق؛ حيث يعمل كل فرد داخل منظومة العمل، بالتعاضد والتكامل مع الآخرين، من أجل تحقيق ذات الهدف، وهو تحقيق رضا المستفيد النهائي.
استمرارية عمليات التحسين والتطوير للمنتجات والخدمات، وفق معايير الجودة المعتمدة، وبالتالي تحقيق ديمومة الجودة في آداء الأعمال.
الفرق بين الجودة والاعتماد
يرتبط الاعتماد إرتباطًا وثيقًا بعملية إدارة الجودة ومبادئها، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، فكل منهما مكمل للآخر، ويُعد الاعتماد امتدادًا طبيعيًا لتطبيق إدارة الجودة لعملية تطبيق إدارة الجودة، والنتيجة المترتبة على تطبيق معايير الجودة، ويُعد كذلك الضمانة الأكيدة والختم والإجازة الدالة على تطبيق معايير الجودة داخل المنظومة التعليمية، وبالتالي يتم الاعتماد من هيئة رفيعة المستوى.
أهداف الجودة الشاملة وفوائدها
يمكن تقسيم أهداف الجودة الشاملة، وفق نتائج جني الثمار المرجوة من خلال تطبيق عناصرها ومعاييرها، وتحقيق النتائج المرجوة وبلوغ أهدافها، إلى:
أهداف خاصة بفئة المتعلمين، الارتقاء بمستواهم من كافة الجوانب النفسية والتربوية والاجتماعية والانفعالية،وهذا لن يتأتى إلا من خلال توفير نظام معلوماتي متكامل وشامل ودقيق.
أهداف خاصة بفئة المعلمين والإداريين
تنمية وتطوير مهارات وقدرات المعلمين والإداريين، من خلال التدريبات اللازمة، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة التي تمكنهم من ممارسة أعمالهم بأريحية ويسر، وتحقيق درجة عالية من الرضا عن ما يقومون به من أعمال.
أهداف خاصة بالكيان التعليمي
تطوير النظام الإداري والبيئي، وتوفير التجهيزات والمرافق اللازمة، التي تُعين الكيان المدرسي على القيام بوظيفته، يتبع ذلك توفير دليل بتوصيفات الوظائف، والأدوار المنوطة لكل وظيفة ولكل فرد داخل الكيان، وكذا توفير نظام اتصالات فعَّال بين أفراد الكيان والإدارة المركزية له.
أهداف خاصة بالمسؤولين عن السياسات التعليمية
وضع منهجيات آلية مساعدة لراسمي السياسات التعليمية تفيد في التعرف على المشكلات، وتحديد الاحتياجات الأساسية بأسلوب علمي، ومساعدة المسؤولين على تحديد الأهداف المتعلقة بإنجازات تلك السياسات المرسومة، كما تساعد هذه النوعية من الأهداف على إمكانية الوقوف على طبيعة المشكلات التعليمية والتربوية والنفسية والإدارية في المنظومات التعليمية، والوصول إلى أنسب الحلول الملائمة لطبيعتها، إضافةً إلى تحسين الخدمات التعليمية المقدمة، وتطوير الطرق التدريسية.
الجودة والتعليم والاعتماد التربوي
هي مجموعة السمات التي تعبر بدقة وشمولية عن جوهر العملية التعليمية والتربوية بكافة أبعادها، وتتضمن مدخلاتها، وإجراءات العمل، وتحقيق المخرجات المبتغاه، وإجراء عمليات المراجعة المستمرة، حتى الوصول لمرحلة الاعتماد، وتُعد هذه المرحلة هي النتيجة المنشودة التي تُكلل الجهود المبذولة.
بواعث تطبيق إدارة الجودة في التعليم
ضرورة التطوير المستمر للعاملين في الحقل التعليمي، لتأهيلهم وتسليحهم بأحدث طرق التدريس.
تطبيق مبدأ إشراك الجميع؛ أي مشاركة جميع العاملين في المنظومة التعليمية بفعالية في العملية التعليمية، واعتبارهم جزء أصيل من إحداث التغيير.
توفير نظام معلوماتي متكامل، يساعد الإدارة على صُنع القرارات السليمة، واتخاذها في الوقت المناسب.
ضمان التطوير المستمر، الناتج عن عمليات التقويم الذاتي لاختبار الآداء بشكل دوري، على فترات زمنية منتظمة.
عناصر تطبيق الجودة الشاملة في التعليم العام
التركيز على المستفيد النهائي، والسعي وأخذ التدابير اللازمة، للوصول لإشباع احتياجاته، وتحقيق درجة عالية من الرضا.
مساندة الإدارة العليا ومساعدتها في وظائفها ومهامها الموكلة إليها، وتذليل العقبات، وتيسير عمليات المتابعة والتقييم وتحسين المسار.
ديمومة التحسين والتطوير المستمر، وتصحيح المسار لكافة الخدمات المقدمة والأنشطة التي يتم ممارساتها، والمضاهاة المستمرة بمعايير الجودة وقياس الفجوات، والسعي لسدها وإشباعها.
معوقات تطبيق الجودة الشاملة في التعليم
ضعف الاهتمام بأهم محاور العملية التعليمية، وهو المعلم وعدم تقدير دوره ومكانته في المنظومة التعليمية من جميع الجوانب المهنية والمادية والاجتماعية.
عدم التخطيط بشكل مستمر في عملية تطوير المناهج الدراسية، وكذا عدم إشراك هيئة المعلمين في وضع بصمتهم في المناهج الموضوعة.
ضعف المخصصات المالية للتعليم والبحث العلمي بصفة عامة، وترتب على ذلك عدم تزويد ميزانيات المكتبات في التزويد لأوعية المعارف البشرية، والعجز إلى حد كبير عن الإيفاء بمتطلبات البحث العلمي.
الخلاصة
تُبين أجزاء المقال، ضرورة بل حتمية تنفيذ إدارة الجودة الشاملة في التعليم كمطلب حضاري وتنموي، حتى تسير الدول العربية وتلحق بالركب الحضاري، وتُعين على ذلك توافر الأرضية الخصبة لتطبيق إدارة الجودة في التعليم، من حيث القبول والاستعداد، وإمكانية تقديم حوافز مادية ومعنوية لأكثر المدارس التزامًا بمعايير الجودة لأكثر مديري المدارس تطبيقًا لمعايير الجودة كمكافآت تحفيزية، مع تنشيط الحركات التوعوية، تزامنًا مع عقد ورش تدريبية لصِقل مهارات المعلمين والإداريين وتشجيعهم على الولوج في منظومة الجودة الشاملة، والمساهمة في تسيير عجلة التنمية.
*ماجستير إدارة تربوية
المصادر
- أبو رحمة (محمد حسن): “قراءات في الجودة والاعتماد المدرسي”، رابطة التربويين الفلسطينيين، المطبعة، 2020، فلسطين.
- البيلاوي (حسن حسين) وآخرون؛ تحرير: طعيمة (رشدي أحمد): “الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التميز ومعايير الاعتماد: الأسس والتطبيقات”، دار المسيرة للنشر، المطبعة، 2005، الأردن.
- عطية (محسن علي): “الجودة الشاملة والجديد في التدريس”، دار صفاء للنشر والتوزيع، المطبعة، 2009، الأردن.
- مجيد (سوسن عواد الزيادات): “الجودة في التعليم: دراسات تطبيقية”، دار صفاء للنشر والتوزيع، المطبعة، 2008، الأردن.