السبت , سبتمبر 20 2025

التعلم الاجتماعي العاطفي

 

اعداد الطالبات: نسمة غانم،  سارة زقوت وسنيورة عجور:

في فصولنا الدراسية، لا يجلس فقط طلاب ينتظرون المعلومة، بل قلوب تنبض، ومشاعر تبحث عن فهم، وأرواح تتوق للقبول . هنا يأتي دور استراتيجية التعلم العاطفي التي تنقل التعليم من مجرد تلقين، إلى بناء الإنسان بكل ما فيه من فكر وشعور.

ما هو التعلم العاطفي؟ نحو فهم أعمق للمشاعر داخل الصف..

هو تعليم يُدرّب المتعلم على كيف يشعر، كيف يفكر، وكيف يتصرف. لا يقتصر على العمليات العقلية، بل يُعنى بإكسابه مهارات حياتية مثل: ضبط النفس، الوعي بالذات، التعاطف، والقدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة. يرتكز التعليم العاطفي على نظريات علم النفس، خصوصًا نظرية الذكاء العاطفي التي طرحها “دانييل جولمان”، والتي تركز على خمسة أبعاد: الوعي الذاتي، تنظيم الانفعالات، الدافعية، التعاطف، والمهارات الاجتماعية. ويُفرق التعليم العاطفي بين المعرفة الذهنية والانفعالية، مؤكدًا أن التعلّم الفعال لا يكتمل دون توازن بينهما.

لماذا هو مهم؟

  1. الطالب الذي يشعر بالأمان، والاحترام، والقبول داخل الصف، يكون أكثر استعدادًا لاستقبال المعرفة، وأكثر قدرة على التفاعل والمشاركة. المعلم العاطفي يُنصت قبل أن يُلقي، ويحتوي قبل أن يُقيّم .
  2. تحسين الأداء الأكاديمي حيث تظهر الأبحاث أن الطلاب الذين يتلقون تعليمًا عاطفيًا منتظمًا يحققون أداءً أكاديميًا أفضل بنسبة تصل إلى 11% مقارنة بغيرهم.
  3. وتعزيز الصحة النفسية :يساعد التعلم العاطفي على تقليل القلق والاكتئاب، وتحسين القدرة على مواجهة الضغوط اليومية.
  4. يبني علاقات إيجابية :من خلال تنمية مهارات التواصل والتعاطف، يصبح الأفراد أكثر قدرة على تكوين علاقات إنسانية صحية ومستقرة.
  5. يحد من السلوكيات السلبية : يقلل من معدلات العنف والتنمر والسلوكيات المدمرة، ويعزز مناخًا إيجابيًا في البيئة التعليمية.

استراتيجيات تطبيق التعليم العاطفي:

تشمل أساليب عدة، منها التعلّم التعاوني، وتمثيل الأدوار، واستخدام القصص، والمناقشات الصفية حول القيم، والأنشطة التأملية. هذه الأنشطة لا تدرّب الطلبة فقط على فهم مشاعرهم، بل تعزز التعاطف والاحترام والتواصل الفعّال.

المعلم العاطفي قدوة تبني القلوب قبل العقول ..

يُعتبر المعلم حجر الزاوية في التعليم العاطفي، حيث يُعد نموذجًا انفعاليًا للطلبة من خلال تعامله اليومي معهم. ويجب أن يتحلى بالوعي الذاتي، والقدرة على ضبط الانفعالات، وتقديم الدعم العاطفي المناسب، مما يعزز الثقة والعلاقة الإيجابية داخل الصف.

هل من تحديات ؟

رغم فوائده الكبيرة، إلا أن التعليم العاطفي يواجه معوّقات عديدة، منها نقص تدريب المعلمين على المهارات الانفعالية، وضيق الوقت، والاعتماد المفرط على الجانب الأكاديمي فقط، إضافة إلى ضعف الوعي المجتمعي بأهمية الجانب الوجداني في التعليم.

كيف نطبقه داخل صفوفنا؟

مثال على ذلك، موقف صفّي يتم فيه تدريب الطلبة على التعبير عن مشاعرهم عند الغضب بطريقة آمنة، أو استخدام موقف درامي للتدريب على مهارات التعاطف. مثل هذه الأنشطة تُرسّخ لدى الطالب مفهومًا عميقًا للذات والآخر.

لا فائدة من عقل ممتلئ، إن كان القلب مهملًا..

في الختام .. التعلم العاطفي ليس مجرد نشاط جانبي، بل هو قلب التربية النابض

إن إدماج التعليم العاطفي في النظام التربوي لا يُعد ترفًا، بل ضرورة ملحة لبناء أجيال قادرة على مواجهة الحياة بتوازن , ولضمان فعاليته، لا بد من إعداد المعلمين جيدًا، وتضمينه في السياسات التربوية بشكل ممنهج.

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

أهمية الإدارة الإستراتيجية

كتبت آلاء جبر العفيفي: تعد الإدارة الإستراتيجية من مجالات الدراسة التي نالت اهتماماً واسعاً في …