بوابة التربية- كتب د.مصطفى عبد القادر:
منذ تدهور القدرة الشرائية للرواتب والأجور والمداخيل عامة، بدأت الأوضاع تضيق على حياتنا المعيشية، وأصبحت سبل العيش الكريم حلما يراودني، نظرا للنفقات المرتفعة التي يجب ان تدفع يوميا من رب الأسرة، كي يستطيع تأمين الحاجات الأساسية الضرورية لأفراد عائلته.
اليوم الأزمة الإقتصادية عامة والمالية خاصة، إزدادت الآف الأضعاف، في ضوء حجم التضخم المالي الذي وصل إلى حدود قياسية، لم يعد هناك وحدات قياس معتمدة دوليا عند خبراء الاقتصاد والمال لتحديد حجمه ،لأنه فريد من نوعه.
هذا الواقع الإقتصادي المرير أرخى بظلاله على الناس جميعاً وخاصة موظفي القطاع العام في لبنان، ومن ضمنهم الأساتذة بكل درجاتهم العلمية، وفي كافة المراحل الدراسية.
إن إنعكاس تدهور القدرة الشرائية للرواتب على حالة المدرسين مختلفة عن غيرها، لأنها متعلقة بطبيعة عملهم الأكاديمي التربوي، العمل الذي يبني الأجيال تربويا وعلميا من أجل تطوير الوطن نحو الأفضل.
بالأمس حولت وزارة المالية الرواتب والأجور إلى موظفي القطاع العام على سعر صيرفة 60 ألف ليرة مقابل الدولار الأميركي، أي أصبحت المداخيل الشهرية للأساتذة لا تساوي حفنة من الدولارات، تكاد لا تكفي الفواتير الأساسية التي أصبحت مدولرة وكأننا في ولاية أميركية ورواتبنا بالعملة الخضراء.
لذا لم يكن أمام الأستاذ إلا الانتفاض على الواقع الذي يعيشه، لأن لا طاقة له على تحمله، في ظل سلطة طرشاء تضع حلولا ترقيعية سرعان ما يذوب أثرها مع أول قفزة للعملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية.
إن المتابع لواقع التعليم الرسمي في البلاد يتحسر عليه، وخاصة المرحلة الثانوية، لأن هناك ثانويات شبه متوقفة عن التدريس، بسبب إمتناع أساتذتها عن الدخول الى الطلاب في قاعات التدريس.
هؤلاء الأساتذة الذين أنتفضوا وصرخوا بأعلى أصواتهم، منذ ثلاثة أشهر تقريباً، مستمرون في إضرابهم عن التعليم حتى تحسين وضعهم المادي والمعنوي، وهذا الخيار طبيعي، لكن ينقصه حسن التنسيق والتوفيق في إختيار أشخاص يعبرون عنهم بطريقة لا تفقدهم أعصابهم عند سماعهم رأيا لا يتناسب مع رأيهم .
كل أساتذة التعليم الثانوي منتفضون على واقعهم، وتقرأ ذلك في وجوههم وتسمع وجعهم من ألسنتهم، والمؤسف ان بعض من كلف بتمثيلهم، ويتحدث بأسمهم ليس بمستوى طموحهم.