السبت , أكتوبر 11 2025

عصر الدوبامينات- هرمون السعادة

بوابة التربية: كتبت  د.ندى قداح*:

في زمن اللذة السريعة: لماذا لم نعد نشعر بالسعادة رغم كل ما نملك؟

  • هل لاحظت كيف أصبح من الصعب أن نشعر بالرضا؟

رغم كل وسائل الراحة، والتكنولوجيا، والانفتاح على الترفيه، إلا أن القلق يزداد، والفراغ الداخلي يتسع، ونبدو وكأننا نركض بلا توقف وراء سعادة لا تدوم أكثر من لحظات.

نعيش اليوم في عالم يمنحنا المتعة الفورية بضغطة زر، لكنه في المقابل، يسلبنا التوازن النفسي، ويتركنا عالقين في حلقة من التحفيز المفرط والإنهاك العاطفي.

  • ما الذي يحصل في أدمغتنا؟

في كل مرة نحصل فيها على تجربة ممتعة  سواء من إشعار هاتفي، فيديو قصير، قطعة شوكولا، تعليق إيجابي على منشور ، مغامرة عاطفية، اشباع غرائزي الهروب بضهرة أو سفرة وغيرها.. يُفرَز في الدماغ مادة الدوبامين، وهي مسؤولة عن شعورنا بالمكافأة والسعادة.

لكن المشكلة أن الدماغ لا يرضى بالقليل. كلما زادت دفعات الدوبامين، أصبحت الحاجة إليها أكبر.. فنجد أنفسنا نستهلك المزيد من التحفيز، بينما نشعر أقل بالرضا.

بمعنى آخر: نعتاد على السعادة المؤقتة، ونفقد الشعور بالمعنى.

وسائل التواصل، القهوة، الشراء،السفر،العلاقات… كلها ليست المشكلة، بل طريقة وكيفية استخدامها و في الإدمان الخفي الذي تسببه:

جلسات التمرير اللامتناهي في الهاتف

الإفراط في متابعة المسلسلات

التعلّق اليومي بالمشتريات أو الأكل العاطفي وغيرها الكثير..

كل هذه السلوكيات تطلق كميات كبيرة من الدوبامين، لكنها في الوقت نفسه تستنزف طاقتنا النفسية وتضعف قدرتنا على الاستمتاع بالموجود وبالأشياء البسيطة، مثل قضاء وقت مع العائلة، أو الجلوس في هدوء مع الذات دون تحفيز ومشتتات.

ماذا يحدث عندما تستمر هذه الحلقة؟

▪يصبح الملل غير محتمل

▪نشعر بالقلق دون سبب واضح

▪تتراجع القدرة على التركيز

▪تظهر أعراض كالاكتئاب أو القلق او الإحباط المستمر

▪نُسقِط سعادتنا على أدوات خارجية، ونفقد تواصلنا مع ذواتنا

وهنا يبدأ التحوّل من عادات يومية إلى اعتماد نفسي وسلوكي، يشبه الإدمان لكنه لا يُلاحظ بسهولة.

*كيف يفيد ضبط التوازن الداخلي

للتعامل مع هذا النمط، نحتاج إلى الوعي أولًا، ثم اتخاذ خطوات عملية منها:

  1. فترات راحة من التحفيز السريع

امنح نفسك وقتًا خاليًا من الهاتف، الفيديوهات، أو حتى القهوة. ما يُعرف بـ”الصيام التحفيزي” يساعد الدماغ على استعادة حساسيته الطبيعية للسعادة.

  1. العودة للأنشطة الحقيقية

مارس رياضة خفيفة، اخرج للطبيعة، اقرأ، اتصل بالمصدر من خلال الصلاة والذكر، تواصل وجهًا لوجه مع من تحب املأ الفراغ بما يفيد هذه الأنشطة تعيد شحنك ببطء، لكن بعمق.

  1. التعامل مع الأسباب الجذرية

أحيانًا، نلجأ إلى التحفيز السريع كنوع من الهروب من ألم داخلي أو فراغ نفسي. هنا تأتي أهمية الاستشارة المتخصصة لفهم هذا السلوك وتفكيكه من الجذور والتعامل مع أسبابه.

* رسالة للتأمل

نحن لا نبحث عن السعادة فقط… نحن نحتاج إلى حياة ذات معنى.

السعادة الحقيقية لا تأتي من كثرة المتعة، بل من القدرة على الانضباط، والارتباط، والعيش بوعي.

إذا شعرت أنك عالق في نمط متكرر من اللذة السريعة يليها الفراغ، فلا تتردد في طلب الدعم.

أحيانًا، الحديث مع مختص يفتح أبوابًا جديدة نحو الوعي،الادراك ،التوازن،تزكية النفس والسلام الداخلي لتفهم أكثر سبب انجذابك لهذه العادات وكيفية التحرر منها لتحقق ولادة جديدة وتستعيد السيطرة على حياتك وعلاقاتك.

 

*خبيرة إجتماعية تربوية ومدربة علاقات وتطوير ذات.

‪+96181809291

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

نموذج تحليل البيئة الداخلية والخارجية (SWOT) واستخدامه في الإدارة التربوية

    كتبت أمل اياد عايش*: تسعى المؤسسات التربوية في العصر الحديث إلى التميز وتحقيق …