
بوابة التربية- كتب د. يونس محمّد علي زلزلي:
آذار بوحُ سِرِّهِ امرأةٌ، وفَوْحُ عِطْرِهِ مُعَلِّم. فمن سُهادِ المرأةِ وفؤادها، ومن مِداد المعلّم وجهاده، ينبجسُ ماء الأعمار؛ فلا ننحبس بالخوف والجهل بين الأسوار.
تشتعلُ المرأةُ عَناءً؛ فلا ننطفئ، ويشتغل المعلّم عطاءً؛ فلا ننكفئ. تبسطُ المرأةُ حرير القلب؛ فتُقَرّ المُقل. وينقطُ المعلّم حروف الحُبّ؛ فيُسَرّ العقل.
آذار وَردُنا مبشّرًا بالرّبيع، ووِردُنا من أصفى الينابيع. فلا نُزهرُ إلّا من كوثر المرأة، ولا نُثمرُ إلّا على بيدر المعلّم. نعترفُ بأنّا نقترف فعل النّسيان طيلة العام، لكنّنا نعود في آذار، لنغترفَ من مَعينِ ثامنه وتاسعه إكسير النّماء والبقاء. فيحدونا الوفاءُ ألّا نتنمّرَ بعد اليوم على عقل امرأة بِخَلَّةِ النّقصان، وألّا نتنكّرَ بعد اليوم لفضل معلّم بِقِلَّةِ العرفان؛ فهل جزاءُ الإحسانِ إلّا الإحسان؟
مع المرأةِ أمًّا، تهجّأْنا أوائل الفصاحة؛ فتَمَوْسَقَتْ. ومع المعلّم دومًا، تهجّدنا نوافل الحصافة؛ فتمَنْطَقَتْ. بين كَدّ المرأة، وجِدّ المعلّم صار الوَجْدُ نبضًا، وصار المجدُ فرضًا. نشقى؛ فنَرقى إلى سِدرةِ جنّةِ الحُبّ، وإلى سماء العلم السّابعة. فمن شعاع امرأةٍ، تضوَّأْنا الصّباح، ومن يراع معلّمٍ تبَوَّأْنا النّجاح. كأنّ نارَ الحياة بهما بردٌ وسلام. فهما صدًى من صوت الله الرّحيم، وظلٌّ من فردوسه النّعيم. بين كفّيْهما، نتوسّدُ حصائر الرّحمة، ونتوسَّمُ بشائر النّعمة، ومن أكمامهما البيضاء، ينبثقُ اخضرار الثّرى بالضّياء، ويأتلق افترار الورى بالرّجاء؛ فيكون الرّبيع.
بوابة التربية – Tarbia gate بوابة التربية – Tarbia gate