الأحد , أكتوبر 19 2025

انطلاقة مشروع “العلاج بالأدب” لأنور الموسى عبر أثير إذاعة طنجة المغربية

 

 

بوابة التربية: شهدت إذاعة طنجة المغربية حدثًا ثقافيًا مميزًا تمثّل في انطلاقة مشروع “العلاج بالأدب: النظرية والمنهج والتطبيق”، وهو المشروع الذي ابتكره ويقوده د. أنور عبد الحميد الموسى، الأكاديمي والباحث المعروف بإسهاماته في الجمع بين الأدب وعلم النفس، وتوظيف الكلمة أداة للشفاء وإعادة التوازن النفسي.

وجاءت هذه الانطلاقة من خلال حلقة موسّعة ضمن برنامج “للحديث بقية” الذي يقدّمه الإعلامي المغربي المخضرم الأستاذ محمد علاو، أحد أبرز الأصوات الإذاعية التي أسهمت في ترسيخ الخطاب الثقافي والفكري في المغرب والعالم العربي.

واستضافت الحلقة إلى جانب البروفيسور أنور الموسى كلًّا من الأستاذة نسرين كريدية، مديرة دار النهضة العربية للنشر والتوزيع في بيروت، والبروفيسور أيمن القادري، الباحث والناقد الأكاديمي المعروف. وقد دار الحوار حول مفهوم العلاج بالأدب ومنطلقاته الفكرية والتطبيقية وتجارب تفعيله في جلسات علاجية نفسية تعتمد التفاعل مع النص الأدبي بوصفه وسيلةً للتفريغ والفهم والتوازن الداخلي.

الموسى

أوضح البروفيسور أنور الموسى أن مشروعه يقوم على منهج علاجي متكامل يجمع بين الاسترخاء، والاستبصار، وتفاعل الثالوث العلاجي: المريض، والنص، والمعالج، في جلسة منظمة هادفة تُبنى على الركائز الثلاثة: القراءة، والكتابة، والنقاش التأملي.

وأكد أن هذا المنهج يسعى إلى إعادة بناء الوعي الذاتي، وتحفيز قوى الشفاء الداخلية عبر تجربة أدبية موجّهة ومنتقاة بعناية.

وتناول النقاش محاور عديدة، منها علاقة العلاج بالأدب بالطب النفسي والدواء، وباعث تأليف الكتاب الصادر حديثًا عن دار النهضة العربية، ودور الذكاء الاصطناعي في دعم الممارسات العلاجية الحديثة، وإشكاليات القراءة المعاصرة، وأهمية مزج التخصصات بين الأدب وعلم النفس والتربية. كما طُرحت تساؤلات حول وظيفة الأدب في تنشيط هرمونات السعادة والراحة النفسية، بوصفه محفّزًا عاطفيًا وفكريًا يوازن بين الوجدان والعقل.

وفي إجاباته، أكّد الموسى أن العلاج بالأدب يستوعب جميع الفئات والحالات والاضطرابات النفسية مثل: ضحايا صدمات الحروب، والقلق، والاكتئاب، والاحتراق النفسي، واضطرابات الهوية، والصدمات الوجدانية، وغيرها.

وأشار إلى أن النص الأدبي هو جوهر العلاج، إذ ينبغي اختياره بدقة من حيث نوعه وطوله وجرعته الشعورية، لأنه يشبه حبة الدواء التي يُحدَّد مقدارها وفق طبيعة الحالة ومرحلتها.

كما شدّد على أن العلاج بالأدب ليس ترفًا فكريًا، بل مسار إنساني عميق يعيد للكلمة دورها في البناء والشفاء، داعيًا المؤسسات الثقافية والتربوية إلى تبنّيه كنهج تطبيقي في المدارس والجامعات والمراكز العلاجية.

وخلال الحلقة، تخللت الفقرات أغنية عذبة للسيدة فيروز عن الأمل، فابتسم الموسى قائلاً:  “الأمل هو ما يبحث عنه المريض في أعماق نفسه، والأدب يمنحه طريقًا آمنًا لاستعادته، لأنه يعيد تشكيل العلاقة بين الإنسان وداخله المضيء.”

 كريدية

وفي مداخلتها، أشادت الأستاذة نسرين كريدية بمستقبل كتاب “العلاج بالأدب” وبالقيمة العلمية والإنسانية للمشروع، مؤكدة أن دار النهضة العربية تفخر بنشر هذا العمل النوعي الذي يكرّس فكرًا جديدًا يجمع بين الإبداع والعلم.

وأشارت إلى عراقة الدار ودورها الممتد في احتضان الفكر العربي الجاد منذ أكثر من نصف قرن، رغم تحديات النشر الورقي والتوزيع في ظل هيمنة الوسائط الرقمية.

وقالت: إن الكتاب يعيد الاعتبار للقراءة بوصفها تجربة شفاء لا تقلّ أهمية عن أي علاج نفسي أو دوائي، متوقّعة أن يشكّل المشروع نقطة انطلاق لمدارس جديدة في العلاج الثقافي داخل الوطن العربي.

 القادري

من جانبه، أوضح البروفيسور أيمن القادري أن فكرة العلاج بالأدب تجد جذورها في التحليل النفسي عند فرويد، وفي النظريات البنيوية التي أسّس لها دوسوسير حين ربط اللغة بالبنية الذهنية والعاطفية للإنسان.

وأضاف أن التراث العربي زاخر بإشارات علاجية إلى التداوي بالكلمة والوجدان، واستشهد بقول مجنون ليلى الذي كان يرى في الشعر شفاءً لوجعه، معتبرًا أن تلك النماذج القديمة هي الأساس النفسي الأول للعلاج الأدبي قبل أن تصيغه المدارس الغربية الحديثة.

وأشار القادري إلى أن مشروع الموسى أعاد هذا التراث بروح علمية معاصرة، تمزج بين التحليل النفسي والتعبير الأدبي، ما يجعله جسرًا بين القديم والحديث، بين التراث والحداثة.

رسالة إنسانية مفتوحة

وفي ختام اللقاء، دعا الموسى إلى تعميم المشروع ليشمل الأطفال، والناجين من الحروب ومجازر غزة، والمظلومين واللاجئين، مؤكدًا استعداده لتدريب المعالجين والباحثين في دورات متخصّصة لنقل هذا المنهج إلى الواقع العملي، وجعل الأدب وسيلة فاعلة في بناء إنسانٍ أكثر وعيًا وسلامًا، داعيا المراكز المعنية إلى تبني المشروع لتكون رائدة في هذا المجال الخصب أيضا.

بدوره أهدى الموسى المشروع لضحايا مجازر غزة ولبنان، والمعذبين بالأرض…

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

أين الرابطة من عقوبة حسم راتب من ثلاثة ألاف استاذ ثانوي؟

بوابة التربية- كتب عماد الزغبي: توقفت كثيرا، امام العقوبات التي تعرض لها قرابة الثلاثة آلاف …