بوابة التربية- كتبت د. ميرفت بلوط:
الإضراب حق مشروع … نعم
الإضراب ورقة ضغط على السلطة… نعم
في كل دول العالم، يلجأ أساتذة الجامعة إلى الإضراب، وقد تستمر هذه الإضرابات لأشهر طويلة … نعم
ولكن، لا توجد دولة في العالم يُعلن فيها الإضراب من قِبل جزء من الأساتذة وفيما يحدّد آخرون مواعيد إجراء الإمتحانات.
هل سأل أحدهم عن الوضع النفسي المنهار للطالب، وعن مدى استيعابه للمعلومات في ظل هكذا تخبّط نفسي يعيشه؟!
أن يعلَم الطالب ان هناك إضرابا شاملاً وينتظر إعلان التراجع عنه، هذا أمر طبيعي ومقبول جداً.
أما أن يعيش الطالب في قلق مستمر بسبب عدم وحدة الصف بين الأساتذة، حيث يتفرد بعض العمداء والمدراء بقرار إجراء الامتحانات، فهذا بحد ذاته يشكل مصدر توتر للطالب وينسِف جهود الأساتذة كافة، كما يظهر للرأي العام عدم وجود أيّ توحيد للكلمة من قبل الأساتذة في وجه هذه السلطة.
إنّ الإعلان عن مواعيد إجراء الامتحانات، في ظلّ اضراب تلتزم به غالبية الأساتذة هو غير مقبول بحق الأستاذ وبحق الطالب على حدّ سواء، كما أن خرق قرار الهيئة العامة للأساتذة لا يساهم على الاطلاق في تحقيق أي من المطالب.
إنّ الالتزام بالإضراب الشامل هو السبيل الوحيد من أجل حصد نتائج ايجابية، من خلال مواجهة السلطة بورقة ضغط قوية وإظهار وحدة الموقف والمطالب، وفي الوقت عينه تنتهي معاناة الطلاب التي تتكرر عند كلّ إضراب…. فهُم ينتظرون، يتابعون البيانات يوماً بيوم، يتساءلون، هل سيتم إبلاغنا بمواعيد الامتحانات في ظلّ استمرار الإضراب؟ ومتى سيتم الإعلان عن إجرائها؟!
وعندما تصلهم برامج الامتحانات، هنا يبدأ الصراع النفسي الأشدّ، وتبدأ التساؤلات والاتصالات بالأساتذة …. ومن هذه التساؤلات:
1- هل أستاذ المادة سيستمر بالاضراب؟ وهل سيتم وضع أسئلة الامتحان من قبل أستاذ آخر (الأستاذ البديل)؟
2- هل علينا تحضير مادة على حساب مادة أخرى قد لا يتم وضع مسابقة لها من قبل الأستاذ الذي يدرسها ولن يجدوا بديلاً عنه؟
3- ماذا عن محتوى المسابقة؟ وهل ستتضمن أسئلة وفق ما يعطيه الأستاذ (البديل) وليس وفق ما تلقيناه من معلومات مع أستاذ المادة (الأصيل).
4- ماذا عن تصحيح المسابقة التي سيضعها الأستاذ البديل؟ هل سنْظلم من قبله لأنه سيصحّح وفقاً لما يدرّسه هو؟!
هذه عينة من التساؤلات، وتظهر حجم المعاناة النفسية للطالب وهو يُحرَم من أدنى حقوقه التي تتمثل بالتحضير للامتحانات في وضع نفسي مستقر بعيداً عن كل هذا التوتر والقلق.
من هنا، لا بدّ من مناشدة العمداء والمدراء من أجل إعادة النظر في قرار إعلان برامج الامتحانات، حفاظاً على وحدة الصف بين الأساتذة ومنعاً لضرب قرار الهيئة العامة وضرب العمل النقابي في الجامعة، وكلنا نعلم أن هذا الموقف من الهيئة العامة للأساتذة، يهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على الجامعة واستمراريتها قبل الحفاظ على حقوق الأساتذة أو تحقيق مطالبهم.
من أجل الجامعة، من أجل بقائها، من أجل بقاء الأساتذة وعدم تهجيرهم، لا يجوز خرق الإضراب مهما كلّف الأمر من تضحيات كما أنه لا يجوز ضرب قرار الهيئة العامة للأساتذة وإضعافها أمام السلطة، ما يؤدي إلى ضرب مطالب الأساتذة المُحقة.
*استاذة في كلية العلوم الجامعة اللبنانية