بوابة التربية- كتبت المستشارة الإجتماعية التربوية *ندى قداح:
عامٌ جديد يحمل معه جرعة أكبر من النضج، العقلانية، القوة، الثبات، الحلم، معرفة الذات والتسليم..و هذا الوقت من كل عام فرصة لنجلس مع أنفسنا بصدق وحضور ونراجع فيها حساباتنا في عام مضى لنوازن من جديد بين الإنجازات والإخفاقات.. لنتمسك بكل ما يخدمنا ويساهم في تقدمنا و لنتخلص من كل شيء لا يستحق الإنتقال معنا للعام المقبل فنتخلّى برفق عنه..كالشعور بالذنب اتجاه الأشياء الخارجة عن سيطرتنا وليست من مسؤوليتنا، الأنماط والمعتقدات المعيقة ،الأفكار والأحداث والأماكن التي تستنزف طاقتنا،الحوارات والعلاقات التي لا تدعمنا..
وتذكر بأنك كلما ركّزت على الداخل واهتممت بتنظيف المشاعر السلبية وشفاء الجروح النفسية وتغيير عاداتك كلما حصدت نتائج مذهلة في عالمك الخارجي.. فحافظ على توازنك النفسي بألا تكتم المشاعر المسمومة وفضفض واستشر عند الحاجة ناصح،أمين،خبير واستمع إليه بنية التطبيق.
نحن دائماً قادرون على أن نبدأ من جديد..قد تحدث بداخلنا بعض الأشياء ونحن في طريقنا إلى البداية..فأرِح نفسك من التدبير وحصّن السكينة في قلبك بالتسليم بألاّ تتدخل باختصاصات الآله واشغل نفسك بالسعي وانتظر النتائج بأقدار وأرزاق الله وتذكر بأن الثقة بالمجهول هي أساس الإيمان..
كل الامتنان والشكر لكل روح كانت جزءاً من رحلتي وكنت جزءاً من رحلة تغيير صغيرة وخطوات شجاعة وجريئة في عالمها و لكن كان لها الأثر الكبير لمدى الحياة بفضل الله..وأقول لها بأنك تستحقين أن تحتفلي اليوم باعترافك بالجانب المضيء واحتوائك للجانب المظلم واكتشافك لقدراتك الكامنة وحصولك على الإجابات للأسئلة المحيّرة والتشافي العميق الذي سمحتي له أن يحصل.. والإستمرارية التي صنعت فرقاً جوهرياً في رحلتك..
عوّدت نفسي على أن انظر لتفاصيل النعم لأعيش حالة امتنان دائمة..فإذا عودت نفسك على ذلك ستكون عندها ممتناً للحياة بكل التجارب التي تنهال عليك وبكل الأشخاص الذين يمرون في أيامك كدروس او كهدايا..لتتأكد بأن جميعهم ضروريين على حد سواء.
ممتنة لكل الخيبات لأنها ضرورية لتردنا إلى رشدنا كي لا نتوه في دروب الحياة..وبها نصقل ما بداخلنا بشيء مختلفٍ لم نكن لنصل للغاية لولاه..وإن كسر فينا شيئاً فليكون بابنا إليه..ومعها نكتشف مكامن قوة لم نكن نتخيل وجودها كشجاعتنا وقدرتنا الدائمة على اختراع اللحظة القادمة..
وتذكر بأنه لا يمكنك أن تتوقع الصدق والأمانة من الأشخاص الذين يكذبون على أنفسهم لذا لا تجادل السفيه لأنه سيجرّك إلى مستواه ثم يهزمك بفارق الخبرة وقد يخطىء الناس بالتفريق بينكما..لذا ترفّع ولا تعاتب أو تردّ إلا على من هو في مرمى قلبك وإلا فأنصحك بألا تراه…وتأكد بأنه لا يهم عدد من هم حولك بقدر عدد الصادقين منهم.
إهتم بقلبك فهو يستحق كل الإهتمام ومعه نتجاوز كل صعب ونتعلم الدروس..فعندما أنظر إلى قلبي أشعر بأن أكبر إنجازاتي لهذا العام بأن الحقول الكاملة من الخيبات والإخفاقات والألم لم تفقده وداعته وما زال نقياً أبيضاً طبعاً وتطبعاً يسرّني ويسر الناظرين..ولله الحمد.
حان الوقت لأن تحتضن ذاتك وتنسجم مع أجزائك التي أنكرتها واجعل أهدافك هذه السنة مرتبطة فيك..
واحذر أن تستيقظ عاماً مقبلاً وأنت عالقاً في اليوم نفسه للأبد بحياة يعاد تصنيعها ببراعة واكتب الآن عنوان عامك المقبل ونهاية قصة عامك الماضي واجعل كل يوم قادم يستحق التصفيق.. واسأل نفسك:
من أنت في الحقيقة؟
كيف تستحق أن تشعر وأن تحيا؟
ما الذي يحييك وستسعى لأن تزيده في حياتك؟
ما الذي يميت قلبك وستتخلى عنه؟
ما الخطوات التي ستدعم رحلتك في الدنيا والآخرة؟
وابدأمن هنا لتخطط للعام المقبل بإذن الله.
عامٌ كان لطف الله فيه رفيقي ومعيته ردائي وستري..عاماً مليئاً بالرضا والطمأنينة ورؤية ألطافه في جميع أقداره..أسأل الله في نهايته أن ينظر إلينا نظرة رضا يغفر لنا بها ما تقدم وما تأخر مستودعينه مستقبلنا وأقدارنا وأولادنا وأحبابنا ليجعله في خير وعلى خير وإلى خير إن شاءالله..
كل عام وأنتم بخير
*مدربة حياة وتطوير
مدربة حياة معتمدة من الإتحاد الدولي للكوتشنغ. متخصصة بالعلاقات الأسرية والزوجية.