أطلقت الدولية للتربية دراسة دولية جديدة بعنوان “الاستثمار في الأزمة (سلعنة التعليم): مشاركة القطاع الخاص في تعليم اللاجئين السوريين”.
استكشفت الدراسة العلاقة المعقدة بين الأزمات الناتجة عن الحروب ومحاولة القطاع الخاص الاستثمار فيها ، وذلك من خلال دراسة علمية لكيفية تعليم اللاجئين السوريين في البلاد المجاورة التي نزحوا اليها .وتسعى هذه الدراسة إلى فهم أفضل للمؤسسات الخاصة والأسس المنطقية والدوافع التي تحثّها على المشاركة في ظرف دقيق بالنسبة للاجئين السوريين. وقد أجريت كجزء من حملة الدولية للتربية ضد سلعنة التعليم .
لقد شكّلت محنة تعليم الأطفال اللاجئين ومشاركة الجهات الخاصة بدوافعها المتفاوتة في التعليم، موضوع الدراسة. فقد سببت الحرب السورية أزمة تعليم بين عدد هائل من المهجرين: ثمة ٩٠٠ ألف من الأطفال السوريين لا يصلون الى التعليم
في كل من تركيا والأردن ولبنان. وأدى ذلك الى تدفق عروض مساعدات من القطاع الخاص، الذي كان حجمه ونيته موضع
البحث في تقرير “الإستثمار في الأزمة – ىسلعنة التعليم:مشاركة القطاع الخاص في تعليم اللاجئين السوريين”، الذي أعدته
الباحثتان في جامعة ماساتشوستس فرانسين ميناشي وزينة زخريا.
تبين الدراسة كيف أن ٦١ من ١٤٤ من المنظمات والجهات غير التابعة لدول والعاملة في مجال التعليم في الأردن وتركيا
ولبنان هي “جهات خاصة” – ٤٦ شركة و ١٥ مؤسسة. ثلاثة أرباع هذه الجهات من “الشمال العالمي” ونحو ثلثين( ٦١ في
المئة) من هذه الجهات لا يتخذ من التعليم عملاً تجارياً أساسيا.
تمثل هذه التدخلات مجتمعة شكلاً جديداً من المعونة: “الرأسمالية الخيرية”. تكشف هذه الدراسة توتراً متصاعداً بين المعونات
الإنسانية ودوافع ابتغاء الربح للجهات الخاصة في التعليم حيث تبدو منطقة الشرق الأوسط وكأنها سوق كبير ومتنام. سوريا
بذاتها هي موطن لطبقة وسطى متعلمة واسعة التعليم: قبل الحرب، كان ٩٤ في المئة من الأطفال السوريين المؤهلين سناً
للصف الثاني عشر مسجلين في المدارس.
وتركز الدراسة أيضاً على كمية العمل الذي تقوم به الهيئات الخاصة على أرض الواقع ويفتقر الى التنظيم والتنسيق مع
أصحاب المصلحة الآخرين. فهناك ازدواجية معتادة أو فشل في تلبية الحاجات الملحة بسبب اقتراح حلول غير ملائمة لوضع
اللاجئين.
ويخلص التقرير الى أن هناك حاجة ماسة الى المال والدعم من الشركات والمؤسسات من أجل مواجهة انخفاض ميزانيات
المساعدات وأحدى أكبر تحركات اللاجئين في الذاكرة الحيّة. ولكن ذلك يأتي مع تحديات خطيرة، منها محدودية قدرة القطاع
الخاص على تفهم السياقات الإنسانية التي تتطور بسرعة وعلى العمل في ظلها. يجب على الدول أن تفي بالتزاماتها في ما يتعلق بحقوق الأطفال السوريين اللاجئين، بما في ذلك توفير التعليم الرسمي المجاني لهم.
كما يفيد التقرير أيضاً أن التدخلات يجب أن تكون منسقة جيداً ومؤطرة، مع التركيز على الإنصاف واستناداً الى التزام الحقوق
التعليمية للاجئين. إن التوترات الأخلاقية بين الدوافع الإنسانية وأهداف ابتغاء الربح عند الشركات التي تستثمر في الأزمة،
تعزز حاجة الدولة بتنظيم مشاركة هذه الشركات من خلال وضع أطر عمل قانونية لمشاركة الجهات الخاصة.
وقد شارك في هذا الحدث العلمي كل من مدير حملة الدولية للتربية ضد سلعنة التعليم ، “أنجيلو غافريلاتوس”، والنقابات الأعضاء في الدولية للتربية من لبنان ( رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ورابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي ورابطة معلمي الأساسي ونقابة المعلمين الخاصة) ومن العراق والأردن بحضور الرؤساء وبعض الأعضاء، وخبراء تربويين، بالإضافة الى الباحثتين اللتين عملتا على الدراسة نفسها؛ فرانسين ميناشي وزينا زاخاريا – جامعة ماساتشوستس بوسطن – حيث جرى التواصل مع هذه الأخيرة عبر سكايب.
أدارت اللقاء هدى خوري المسؤولة الإقليمية للدولية للتربية؛ وبدأ بكلمات افتتاحية لكل من مدير حملة الدولية للتربية ضد سلعنة التعليم ، “أنجيلو غافريلاتوس”، وعدنان برجي ممثلا الروابط والنقابات.
وقد قدمت تقرير الدراسة “زينة زاخاريا” عبر سكايب بما في ذلك الملخص التنفيذي والنتائج الرئيسية للدراسة بما في ذلك النتائج الوصفية والتحليل الذي أظهر انتشارا واسعا دون تنسيق فعال وهيمنة التدخلات التكنولوجية وكيفية دعم التعليم الخاص غير النظامي ؛ كما استعرضت ممثلي القطاع الخاص كصانعي سياسات وممولين، معرّجة على الدوافع الانسانية والنفعية. ثم جرى نقاش عام. وفي النهاية قدم “أنجيلو غافريلاتوس” رأي الدولية للتربية ، وتلا عدنان برجي بيانا باسم النقابات والروابط المنخرطة في اللقاء مطالبا بدور فاعل لها في برامج تعليم السوريين في البلدان الثلاثة.