أخبار عاجلة

الجامعة اللبنانية أو الجرح المفتوح: رسالة مفتوحة إلى قادة الصف الأول

بوابة التربية- كتب الدكتور *زاهر عبد الخالق:

ترددت كثيرًا حول كيفية بدء رسالتي هذه. هل أبدأها على طريقة Ciceron “أتيت ورأيت…” أم بأسلوب Zola “إني أتهم”، أم أقلد الأسلوب الشائع الذي يشجع على الانكار ويتجاهل التحديات الحقيقية والقدرة على الاستمرار لجامعة تضم 16 معهدًا وكلية، 3 مدارس دكتوراه، 76 فرعًا وشعبة موزعة جغرافيا على جميع أنحاء الأراضي اللبنانية. وهي تؤمن 365 تخصصًا و 238 مسارًا في إطار الشهادات الأكاديمية الممنوحة (الإجازة، الماجستير، الدكتوراة) لحوالي 70 ألف طالبة وطالبًا. وبدلاً من ذلك، سأطرح أسئلة بديهية مع تسليط الضوء على بعض جوانبها.

لماذا التوجه إلى قادة الصف الأول ؟

ان المأزق الذي وصلنا إليه يتطلب معالجة استثنائية، فالقائد، هو “من يكون له الأمر والنهي”. المثير أن هذا المصطلح، في المفهوم الغربي   Chef يشتق من الكلمة اللاتينية Caput ومعناها الحرفي “الرأس”، وتطوّر إلى العقل المدبر. ويشمل في مفهومنا الحالي مروحة واسعة من أشخاص يلعبون دورًا قياديًا في حزب أو حركة أو تيار سياسي أو في الحكومة، وكذلك الرؤساء، والوزراء، وأعضاء البرلمان…

وهناك أيضًا ما بات يعرف في لبنان بقادة الصف الأول، وغالبًا ما يكون لهم تأثيرًا كبيرًا على المجتمع وعلى اتخاذ القرار وتحديد مسار المستقبل السياسي للبلد  المتعلق بالقضايا المصيرية والشائكة، ومن الأهمية بمكان أن تكون التربية إحدى تلك القضايا.

ما هو واقع الحال التربوي؟

من الجانب العملي، نرى أن مسار تحديد الرؤية السياسية والسعي لتطبيق البرامج الحكومية، بما في ذلك التشريعات والميزانيات والإجراءات المتعددة التي تؤثر في حياة المواطنين، والتي يجب أن يتسم في المقام الأول بالحكمة والفهم العميق للقضايا المختلفة، أَهمل ويُهمل في استراتيجاته الشق التربوي بشكل عام. أما بخصوص ملفات الجامعة اللبنانية فحدث ولا حرج.

ان جودة التعليم وزيادة فرص الوصول إليه تتطلب تحديد الأولويات التربوية وتطوير برامج تدريب المعلمين، وتعزيز الابتكار والبحث العلمي في مجال التعليم. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير التمويل اللازم لتنفيذ الاستراتيجية التربوية سواء من خلال تحديد ميزانية كافية لوزارة التربية والتعليم العالي أو من خلال زيادة الاستثمار في التعليم وتعزيز التعاون الدولي في المجال التعليمي، من خلال تبادل الخبرات والمعرفة.

 ماذا يحصل لجامعة فقدت نسبة كبيرة من ميزانيتها؟

فقدت الجامعة اللبنانية 90 ٪ من ميزانيتها وانخفضت من حوالي 240 مليون دولار،  كما كانت عليه قبل الأزمة، إلى  10 مليون دولار في 2023، علمًا ان الخدمات التشغيلية، التي تمثل 30 ٪ من الميزانية حافظت تقريبًا على كلفتها الفعلية، ولذلك تأثيرات سلبية كبيرة منها:

  • تدني مستوى الرواتب بشكل دراماتيكي.
  • تأثير على الكوادر الأكاديمية بسبب تقليل الأنشطة البحثية والتطويرية في الجامعة، مما يؤثر على جودة البحوث والمشاريع العلمية والتقنية التي تنتجها الجامعة.
  • قلة الاستثمار في البنية التحتية وأعمال الصيانة والمعدات اللازمة للجامعة، مما أثر على القدرة على تقديم خدمات تعليمية مقبولة.
  • إثارة هواجس وعدم استقرار بين الطلاب المسجلين حاليًا والراغبين في التسجيل في الجامعة الوطنية.

ورغم الجهود المبذولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا يختلف اثنان بأن تدهور جودة التعليم، يؤثر سلبًا على قدرة الخريجين على المنافسة في سوق العمل، ومستقبل الأجيال، دون أن ننسى تدهور حالة المعلمين المعرفية والمهنية.

ماذا يحصل حين يتقلص راتب الاستاذ الجامعي  الى 10%  كما هو واقع الحال؟

يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على دور الأستاذ وأدائه، حيث يمكن أن يواجه التالي:

  • انعدام القدرة الشرائية للراتب – رغم بدع “المساعدات” و”الانتاجية”- مما أثر على مستوى الحياة والاستقرار المادي والمعيشي للأستاذ والموظف والمدرب، وبالتالي هجرة العديد من الكفاءات العلمية والأكاديمية.
  • تقليل مدة عمله وعدد ساعات التفرغ للعمل في الجامعة، وقد تتضرر بالتالي جودة بحوثه وأعماله.
  • التأثير على مستوى التحفيز لدى الأستاذ الجامعي وبالتالي يمكن أن ينعكس هذا على طريقة تعامله مع الطلاب وحماسه لإيصال المعلومات والمعارف اللازمة.

بناءً على المعلومات التي تم تقديمها، ما هي الاقتراحات العملية؟

  • الاستماع إلى مطالب الطلاب والأساتذة والعاملين في الجامعة اللبنانية والتفاعل معهم بجدية وفعالية، واتخاذ إجراءات فورية لتلبية احتياجاتهم الضرورية.
    • زيادة تمويل الجامعة اللبنانية وتحسين ميزانيتها لضمان استدامتها وضمان جودة التعليم المقدم للطلاب.
    • تحسين بيئة العمل داخل الجامعة من خلال توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والأمن والنظافة.
    • تعزيز ودعم البحث العلمي والمشاريع العلمية لرفع مكانة الجامعة اللبنانية على الساحة العالمية والحفاظ على سمعتها.
    • تحديث وتطوير مناهج الدراسة لتكون متوافقة مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
    • تحسين عمليات الإدارة والتنظيم داخل الجامعة اللبنانية.
    • دعم الجامعة اللبنانية في جهودها لزيادة قدرتها الإنتاجية وتحويلها إلى مؤسسة منتجة.
    • اعتماد القوانين المتعلقة بالجامعة واقرار ملف التفرغ.
    • دعم صندوق التعاضد.
    • تعيين العمداء وتفعيل مجلس الجامعة.

على الرغم من الأوضاع الصعبة والمعقدة التي تفرض التوقف القسري، تجنبت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الاضراب خلال العام الماضي وقامت بتبني نهج التواصل البناء والتفاوض الصلب بالتعاون مع مجلس المندوبين والجمعيات العامة، وهذا يعكس اعتقادها القوي بأن الدفاع عن الجامعة اللبنانية يعني الدفاع عن وحدة لبنان وقيمه.

مع بداية العام الجامعي 2023 – 2024، تواجه الجامعة اللبنانية ذات التاريخ العريق تحديات جمّة. لذا نحث قادة الصف الأول – والرأي العام – على تحمل المسؤولية ومواجهة هذه التحديات مع أهل الجامعة، ووضع مستقبل التعليم والبحث العلمي في بلادنا في  في اعتبارهم الأول.

  نحن نناشد الجميع بأن يتحدوا ويعملوا معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لوطننا ولجامعتنا اللبنانية.

*أستاذ جامعي

*أمين الشُؤون الخارجية في الهيئة التنفيذية  –رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية

عن mcg

شاهد أيضاً

الحلبي يحدد مواعيد إمتحانات الفصل الأخير وتوقف الدروس

بوابة التربية: أصدر وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، مذكرة إدارية حدد بموجبها مواعيد إمتحانات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *