أخبار عاجلة

الجامعة اللبنانية بين الوضع الأكاديمي المأزوم والنقابي المهزوم، والحلول المقترحة

اجتماع الهيئة العامة لرابطة المتفرغين السبت الفائت (ارشيف بوابة التربية)

بوابة التربية- كتب الدكتور *زاهر عبد الخالق:

تُحارِب الجامعة اللبنانية على جبهات عدة لضمان استمرارها. فالانهيار الذي عصف بالبلاد ترك بصمته الكارثيّة على القطاع العام بمجمله، وللجامعة اللبنانية من المصاب الجلل نصيب، كونها مؤسسة عامة تقلّصت قدراتها وإمكاناتها مع التضخم الهائل وغير المسبوق. وعند صدور أي مرسوم مساعدة لدعم الجامعة وأهلها، يبدأ ماراثون متابعة تحصيل الحقوق ورحلة المعاناة، من تعقيدات الحصول على الاعتمادات إلى الروتين الإداريّ المتعمّد، وخير دليل على ذلك ما بات يعرف “بستة أنصاف رواتب”، تقاضاها أهل الجامعة بعد تسعة أشهر من إقرار المرسوم. وأتى ذلك بعد التوقف القسريّ الذي أعلنته رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، نتيجة حالة الفقر المدقع والعوز الذي حلّ بالأساتذة بجميع فئاتهم والموظفين والمدربين الذين لم يحصلوا سوى على فتات من الحوافز، تقاضتها سائر القطاعات “بالفرش دولار”.

وزاد الطين بلة، ما بات يعرف بقضية ال PCR حيث حُرمت الجامعة من حقوق إنتاجيتها في دولة القانون النسبيّ والمُسيّس. ووسط هذا الارتطام، يستهجن أساتذة الجامعة “التمييز” الذي ترتكبه الدولة تجاه أبنائها، فتنصف قاضيًّا تقاضى راتبًا على دولار 8000 ليرة لبنانية، وتطلب من أستاذ جامعيّ أن يكمل رسالته التعليمية على دولار 1500 ليرة في ظلّ اقتصاد “مدولر” على ما يقارب الأربعين ألف ليرة. وهذا ما حدا بعدد لا يستهان به من أساتذة الجامعة إمّا إلى ترك وظائفهم، وإما بتقديم طلب استيداع من دون راتب. وما يُقلق من بقي منهم، أومن يفكر جديًّا بالرحيل، غموض المسار والمصير في العام الجامعي 2022 2023، وعدم التأكد من فرضية مساعدة الدول المانحة للجامعة اللبنانية.

من جهة أخرى، يعاني العمل النقابيّ الأمرّين في الجامعة اللبنانية، ولم تعد أداته النقابية تستقطب جميع المكوّنات أو تحظى بثقتهم لأسباب عديدة: النضال والجهود المستثمرة في الإضرابات، والاعتصامات، والمشاركة الدورية في جلسات عادية واستثنائية لمجلس المندوبين لم تُعطِ النتائج المرجوّة بسبب نقض السلطة للوعود، وعلى سبيل المثال لا الحصر “الثلاث درجات” (2018)، ونكث اتفاقية البنود السبعة (2019)، ومؤخّرًا حوافز 2022 التي أضحت بدورها في خانة الوعود، من دون أن ننسى عدم القدرة على تحقيق أي إنجاز حقيقيّ يتعلّق بالاستقرار الوظيفي (تفرغ أو دخول إلى الملاك، وملف المدربين) وحسن سير العمل الأكاديمي (تعيين العمداء)، وملفات حيوية أخرى مع الحكومة الحالية والتي دخلت في سبات تصريف الأعمال .

إنّ الإخفاقات المتكررة والمزمنة أسست، عن سوء تقدير، لإيديولوجية مناهضة للعمل النقابيّ بين أفراد الهيئة التعليمية، وخلق “فكرة مسبقة” مفادها أنّ الفشل سيكون رديف أي تحرّك. وأصبح الكثير من الأساتذة بمنأى عن الالتزام بأي قرار يصدر عن نقابتهم. ونتيجة التشرذم الحاصل، ظهر من يجاهر بسلطته او حتى “تسلطه” على زميلات وزملاء قرروا ممارسة حرية التعبير والتجمع التي تضمنها الدساتير والقوانين المرعيّة الإجراء في الجمهورية اللبنانية.

ولا يمكن التغاضي عن الدور – اللغز الذي تلعبه بعض المكاتب التربوية التي تحاول أن توجه بالمباشر او “الريموت” دفة الهيئة التنفيذية وتقوم الأخيرة بإصدار بيانات مناهضة للسلطة مع أنّها تمثّل قوى ومكونات متمثلة فيها.

وكلما بلغ السيل الزبى، يقوم الأساتذة “بفورة دم” ليعيدوا الأمور الى نصابها كما حصل عام 2019 وتكرر السبت الفائت. أكثر من 250 استاذًا جامعيًّا حضروا جلسة الهيئة العامة، أتوا من جميع المناطق اللبنانية، سردوا في مداخلاتهم قصصهم الموجعة، شكوا فقرهم من دون خجل أو وجل وعدم قدرتهم على دفع أقساط المدارس، استجدوا كيفية الحصول على الدواء وتأمين كلفة عملية جراحية، صرخوا بكل ما بقي لهم من طاقة وعزة وكرامة: “نرفض أن تحوّلنا حالة الإنكار التي يعيشها المسؤول الى نكرة”، وقرروا الاستمرار بالأضراب المفتوح.

مع اقتراب نهاية ولاية مجلس المندوبين الذي حضن العمل النقابي على أكمل وجه بشهادة القاصي والداني، وولاية الهيئة التنفيذية التي ضحت بالوقت والجهد وسعت وتواصلت بالرغم من كل ما قيل ويقال، ومع اعتقاد البعض بأن الهيئة التنفيذية لم تعد تمثّله بسبب التماهي مع المسؤول، وعدم تحقيقها النتائج المرجوّة، ناهيك عن عدم التوفيق في إدارة الهيئة العامة الأخيرة، ولفتح كوة في جدار الأزمة أضحت الانتخابات المبكرة هي الحل.

وأخيرًا، على جميع القيّمين على الجامعة اللبنانية، بما في ذلك وزير التربية والتعليم العالي ورئيس الجامعة اللبنانية اللذان يشكلان مجتمعين مجلس الجامعة تسريع وتيرة التواقيع على المراسيم لتفعيلها، وتقديم استراتيجية واضحة وواقعيّة للعام الجامعي 2022 – 2023 حتى تستقيم الأمور.

*أستاذ جامع، أمين سر مجلس المندوبين في رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

متعاقدو الأساسي شكروا الحلبي على إحتواء أزمة الإمتحانات

بوابة التربية: توجّهت لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسيّ الرّسميّ في لبنان بالتّحية والشّكر لمعالي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *