Breaking News

النّاقورة بقيع أرضٍ ورقيع سماء

بوابة التربية- كتب يونس محمّد علي زلزلي: بين لبنانَ وفلسطين، تتصاعد النّاقورة كأنّها سُلَّمُ الجنوب الواصلِ إلى السّماء وسلامُه المحروسُ بالقُبَّعاتِ الزّرقاء. هي النّاقورة الّتي نستجلي اسمَها، فنجدُه في المعنى حفّارةً. وهي كذلك فعلًا، تلقّنُ أبناءها الوطنيّةَ في الصِّغَر، مثلما تنقشُ بطولاتِها على الصّخورِ مُقَاوِمَةً لا تلينُ ولا تهون.
والنّاقورةُ رأسُ لبنانَ الّذي تسطعُ فيه شمسُ السّماء، ويرتفعُ في أعلى تلالِه (اللبّونة) العلم اللبنانيّ يرفرفُ بنسيمِ العزِّ والعنفوان. وأهلها الصّامدون معتصمون بالوطن والعَلَم، ومُستَعصِمون بالإيمانِ والعِلْم. يكتبونَ حكاياتِهم مثلَ موجِ البحر فوقَ برجِ الصّخر روّادًا وميامين في هذا المدى الفيروزيّ، حيث يحلو الحرفُ والحُبّ من شعاعات الذُّكاء ويراعات الذَّكاء، علمًا وأدبًا وثمارَ معرفةٍ أزهرَت وأينَعت. فتماهت مع زهر البرتقالِ أريجًا يفوح زكيًّا من تلك الأرضِ الطّهور… هي النّاقورة وفي حدّها الحَدّ وامتداد الحبّ خلف الحدود. نعانِقُ فيها أطيافَ القرى السّبعِ وفلسطينَ السّليبة.
في النّاقورة كرامٌ عامليّونَ، يتجذّرون بأصالةِ الانتماء، يتحدّرونَ من سُلالةِ الوفاء. على أرضهم ومنها، يغدو للحياة طعمٌ آخر. فالرّياح هنا هي الجناحُ الّذي به يحلِّقون في فضاء الدّنيا مغامرينَ وطامحين. نراهم طيورًا تهدلُ في سماء الوطنِ أنشودةً من يقينِ الرّجاء، ونسمع صدى أصواتِهم تتلهّجُ بالأملِ ولا تتلجلجُ عن طلبِ الخير والحقّ.
هي النّاقورة المقدودة من صلابة صخور الجبالِ والمنبجسة من عذوبة الماءِ وخضرةِ المكانِ وظلالِ الأشجار. تمتدُّ جذورُها في الأرض، وتتعالى فروعها هِمَمًا وقِمَمًا من الصّمود والثّبات. هي الورد المخبوءُ في ضفائرِ الحقول، والكنزُ المرصودُ في مغاورِ الجبال واللؤلؤُ المكنونُ في خاطرِ ذلك البحر الأزرق القريب. من ربوعِها، نستسقي الماء لوجهِ الوطنِ العطشانِ. لعلّه ينتعشُ باخضرار بهائها وافترار ضيائها.
النّاقورة كلمةٌ علويّةٌ من معجم الجنّة. هي ناقورةَ الجبلِ والشّاطئ، الّتي تبسطُ مَدَّها الحالمَ على خدِّ البحر أناشيدَ جمالٍ وأغاريد فرحٍ وأحلامًا ورديّة. النّاقورة أسوارةُ عروسٍ جنوبيّة مشغولةٌ من ذَهَبِ عقول أهلها وقلوبهم. فسلامٌ على النّاقورة وما فيها ومن فيها؛ وأول أسمائها وأجملُ أسمائها الشّهداء. سلامٌ على أهلِها الصّامدين ينحتون بين الصّخر والماء بقيع أرضٍ هي أقرب أن تكون رقيع سماء.

About tarbiagate

Check Also

مشيك في لقاء للمكتب التربوي لـ”امل” للعاملين في القطاع التربوي: وضعنا أفكارنا عند المركز التربوي

بوابة التربية: اقام المكتب التربوي المركزي لحركة امل لقاء لموظفي  وزارة التربية والتعليم العالي وللعاملين …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *