أخبار عاجلة

حمادة: التمديد في المناهج التربوية غير مبرر إطلاقا

 

حضور في افتتاح ورشة المناهج الجديدة

 

 

افتتح وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة الطاولة المستديرة التي نظمها المركز التربوي للبحوث والانماء، في قاعة المحاضرات في مبنى المطبعة، بعنوان “المناهج اللبنانية، تطلعات وآفاق” بمشاركة عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات الدولية والمحلية الرسمية والخاصة والشركاء في تطوير المناهج.

حمادة
بعد النشيد الوطني، ألقى حمادة كلمة قال فيها: “كما تعرفون فإن البلد غارق هذه الأيام بالتمديد والقوانين الانتخابية، وأنا أشبه ما نحن فيه في المناهج التربوية بالوضع المجلسي المقيت. إذ أننا منذ سنة 1997 نمدد في المناهج من دون أن نقدم على تطويرها، وهذا التمديد هو بالسوء نفسه للتمديد للمجالس أو للمؤسسات. وإذا كان التمديد في المجلس النيابي، على الرغم من موبقاته، يمكن أن يكون مبررا أحيانا، لكن التمديد في المناهج التربوية غير مبرر إطلاقا، لأن المطلوب أن ننتهج الفكر والابداع الذي ينتج مواد جديدة أكثر تناولا لشبابنا وأطفالنا”.

أضاف: “وأنا عائد من ندوة في نيويورك تتعلق بمدارس الليسه في العالم عقدت في الامم المتحدة، وقد استمعت الى الكثير من البرامج المقدمة التي أصبحت قيد التداول، واكثر ما لفتني البرنامج التعليمي الكندي، وهو برنامج متقدم، وتعلمون أنه لا ينقصنا شيء على صعيد الثروات البشرية لنقوم بمثله. اليوم تطلقون ورشة لا تقل أهمية عن الورشة الدستورية السيادية الشعبية الوطنية التي يقوم بها لبنان على كل المستويات. إنها المرة الثالثة التي احضر الى هذا المكان ويجب أن أحضر أكثر لأن عندي شعورا بأن وزارة التربية يجب ألا تتحول إلى كانتونات، وأنا لا تهمني سلطة الوزير على المركز التربوي وعلى المؤسسات التعليمية ولكن ما يهمني هو التعاون في ما بينها. ففصل السلطات والتعاون بينها هو مادة اساسية من الدستور. فأنتم تقومون بورشة أجمل وأنجع وأنفع من كل ما نقوم به”.

وتابع: “المناهج التربوية هي جزء من سيادة الدولة على مواردها البشرية، فنحن نصدر الموارد البشرية وليس من شيء آخر. فالعقل اللبناني هو كل شيء و30 بالمئة من الناتج القومي اللبناني يأتي مما نصدره الى الخارج من عقولنا وقدراتنا المهنية، و70 بالمئة من الناتج القومي المتبقي يأتي من نتاج هذه الاجيال التي تحضرون لها المناهج في المركز التربوي. إننا في بلد يكتنز موارد بشرية متمايزة وهذا الأمر يتطلب منا المواكبة الدائمة، خصوصا وأنه يصلنا دعم كبير من الخارج الذي كان دعما مشكورا للاطفال السوريين الذين لا تزال مأساتهم مفتوحة على مجاهل الحل السياسي. وفي هذه الاثناء نجحت الحكومة اللبنانية الى حد بعيد في الاشهر الماضية بتحويل انظار المجتمع الدولي الى البيئة الحاضنة لهذا النزوح خصوصا اننا نستقبل اكبر نسبة من النازحين قياسا على عدد سكان لبنان”.

وتوجه إلى رئيسة المركز التربوي الدكتورة ندى عويجان بالقول: “ان برنامجك التربوي اليوم قد يكون من البرامج النماذج في الشرق الادنى او الاوسط، حيث يتعلم ربع مليون طفل سوري بحسب المنهج اللبناني، وهذا افضل لهم من المناهج التي مر عليها الزمن او مناهج تتسلل الأصولية من خلالها. نحن نقوم اليوم بورشة تستهدف لبنان والعالم العربي ايضا، وانتم اللبنة الموحدة، ولكي تبقى اجيالنا في هذا المستوى المطلوب محليا وعربيا وعالميا. تكتسب طاولتنا المستديرة هذه الاهمية الكبيرة، واشكر كل المشاركين من خيرة ما انتج البلد من اجل الجيل الآتي، وكل القيمين على القطاع التربوي وكل المنظمات الدولية، واهل هذا المركز”.

أضاف: “ان ظروف البلاد اثرت سلبا منذ سنوات طويلة على حركة تطوير المناهج، فمنذ 1997 حصلت محاولات ولكن يجب ان تتطور وتستكمل وتنقح، فقد كان المرسوم 10227 يقضي بأن تتجدد مناهجنا كل اربعة اعوام كحد اقصى كي تبقى مواكبة للتطور. ما يعني ان المركز التربوي للبحوث والانماء يجب ان يبقى في حالة تجديد وتجدد دائمين للمناهج بالتعاون الكامل مع العائلة التربوية. وهنا اعود الى العائلة التربوية التي لها أب واحد وهو الولد اللبناني والطالب والاستاذ اللبناني. هذه العائلة التربوية يجب ان تعمل فعلا كيد واحدة، انا لا اريد كانتونات تربوية، لأن عندي شعورا انه يوجد نزوة نحو تقسيم التربية”.

وتابع: “أحيي مرة جديدة المركز التربوي متمنيا على رئيسته الدكتورة ندى عويجان من اجل تطوير نشاطها ايضا نحو القطاع الخاص لأننا قاطرة للقطاعين واذا قصرت التربية في مكان ما ينتج عنها ثقافة متفاوتة وبالتالي بلد معرض للتقسيم بكل صراحة. فالتقسيم يبدأ من هنا، اذ اننا نتحدث في كل مرة عن الغاء الطائفية وانه يجب ان تلغى من النفوس قبل النصوص ونحن نقول اننا نريد الغاء الطائفية من النصوص ومن النفوس. نحن لبنة اساسية في بناء المجتمع، فماذا تنفعنا الشهادات اذا لم نعتمد المناهج الصحيحة واذا كان الاقتصاد لا يحتاج الى ما نعلم الناس عليه”.

وقال حمادة: “أنا قد أخذت نتائج الطلاب الذين قرر مجلس النواب تثبيتهم كأساتذة، وصنفتهم ضمن جداول فكانت النتيجة في احد الجداول انه لو اخذت كل ناجحي 2008 و2016، في ظل الفوضى العامة القائمة في البلد، وجدت انه في الادب العربي فقط يبقى 560 استاذا من ضمن المثبتين نظريا بلا عمل، لا حاجة لهم في المدارس من الان وحتى السنوات الاربع التي تمر على نفاذ وتطبيق القانون يمكن أن نكون في حاجة لاخذهم. يجب ان تنطلق المناهج من مقاربات حديثة لكي تتمكن الأجيال من التعامل السليم مع فيضان المعلومات على شبكات التواصل”.

أضاف: “علينا الخروج من الحشو التعليمي وإدخال التعليم الرقمي بأفضل ما يخدم التربية من دون ان يكون في ذلك تجهيل للثقافة الاساسية التي كانت من ركائز التربية والتعليم، لذا يجب ان يكون الاهتمام بالمعلمين وتدريبهم مهمة اساسية”.

وخاطب عويجان قائلا: “يجب ان تتحلي ونتحلى معك بالشجاعة وبعد النظر لكي نرسم معا صورة لبنان ودوره في المستقبل، فإذا كنا لا نستطيع إنجاز منهج لكتاب تاريخ موحد، علينا إعداد كتب للمستقبل الواعد والمزدهر، ربما عندها يمكننا إنضاج ظروف لكتاب التاريخ”.

وختم: “إنني أقدر الجهود التي تقوم بها الدكتورة عويجان وفريق العمل معها في المركز وجميع المتعاونين والمشاركين من الوزارة والمؤسسات الخاصة، وأدعوكم جميعا الى العمل بما يرضي الله وضمائركم خصوصا انه يوجد ثقة أتتنا من الخارج كحكومة ووزارة تربية من طريق دعم اشكر عليه حكومات عديدة وعلى رأسها حكومة بريطانيا والحكومات الغربية والبنك الدولي الذي يتولى التنسيق بيننا ومعنا على عملية إنضاج وإطلاق ورشة هائلة بينها أكثر من الثلث مرتكز على المناهج التربوية”.

 

حمادة مترئسا جلسة افتتاح تطوير المناهج بمشاركة يرق وعويجان

عويجان
بدوره، عرضت رئيسة المركز التربوي على شاشة كبيرة، رؤية المركز للمناهج الجديدة منطلقة من قانون إنشائه كمؤسسة عامة مستقلة إداريا وماليا، وأملت أن “تتعاطى المنظمات الدولية والجهات العامة والخاصة مع المركز ليس كمؤسسة تابعة لأي جهة بل كمؤسسة وطنية مستقلة”. وركزت على المهام المناطة به سندا إلى قانون إنشائه، مؤكدة “تطلعات المركز التربوي نحو مناهج وطنية حديثة وتفاعلية”.

وشرحت هيكلية المناهج وملامح المتعلم الذي “تسعى المناهج إلى إعداده ليكون مواطنا مثقفا وصالحا ومنتجا وخاضعا للقوانين والأنظمة”. كما شرحت النقاط التي يتشكل منها “المثلث الديداكتيكي في المناهج التفاعلية”، وقالت: “عندما لم يعد ممكنا الإبقاء على مناهج 1997، واصبح الزاما إعداد مناهج تنسجم مع مستلزمات العصر الحاضر، ومن أجل ذلك كان لا بد من بناء انسان متفكر وخلاق وبارع في حل المشاكل ولديه مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتعامل مع المعلومات من أجل إنتاج المعرفة. كما تم التركيز على تمكين المواطن من أن يكون واسع الاطلاع ومبادرا ليكون قادرا على إدارة حياته في شكل فعال، وعلى التنعم بحياة كاملة ومرضية”.

وأكدت على “تشجيع جميع المواطنين على المشاركة الكاملة في المجتمع وفي القرارات التي تؤثر على حياتهم”، مشيرة إلى “أهمية التفاهم بين الثقافات لتعزيز الحل السلمي للصراعات استنادا إلى أهداف منظمة اليونسكو للعام 2011. لذلك كانت الحاجة إلى إعداد مشروع خطة تطوير المناهج نحو مناهج جديدة تفاعلية، تلبي هذه المتطلبات وتراعي معايير الجودة”.

وتحدثت عن مكونات المنهج وسردت الأهداف والافكار العامة والمحتوى وعلى استراتيجيات التعلم والتعليم لجهة الطرائق والوسائل والأنشطة التي تساعد على تحقيق الاهداف. كما شددت على “أهمية التقويم.

أما في ما يتعلق بملامح المتعلم، فقد أكدت رئيسة المركز أن “متعلم الغد هو ابن عصر المعلوماتية والتفاعل الرقمي، لذلك فإن ملامحه تتلاءم مع عصر التواصل والانفتاح والعولمة”. وقالت: “من هنا ينطلق تفكيرنا في رسم ملامح متعلم عالمي يتماشى مع مهارات القرن الواحد والعشرين، مع المحافظة على الأصالة والقيم الوطنية، وترك المجال واسعا للتحليل والاختبار والتعلم مدى الحياة. وإننا من خلال ما نتطلع إليه في المناهج الجديدة نريد متعلما مدركا لتصرفاته الشخصية، ومدركا لمسؤولياته المدنية، وللوعي العالمي والتكنولوجي، ومتقنا لعملية التواصل والتعامل مع الاخرين، كما نراه دائم التطور والتغيير، ناشطا، تأمليا، تعاونيا، وتشاركيا، يمتلك قدرات مواطن استقصائي، مفكر ناقد ومسائل. أي أننا نريد مواطنا فاعلا، يفتخر بانتمائه لوطنه”.

وعن تفاعل عناصر المثلث الديداكتيكي، أكدت أن ذلك “يتم من خلال تفاعل المعلمين والعاملين في القطاع التربوي، ومن طريق ديناميكية عمل تعاونية، يسعى المركز التربوي لتفعيل ما يلزم، من منصات ولقاءات وورشات عمل لتحقيقها. كما يتم ذلك من خلال عملية تطوير المناهج وذلك بتحديد المقاربة المعتمدة لتطوير المناهج، وتوحيد المصطلحات التابعة لها وإتباع التعاون كنهج عمل في حقل التربية عامة”. وشددت على “تدريب جميع الشركاء في عملية تطوير المناهج على التصميم المعتمد وعلى المصطلحات المنبثقة عنه”.

أما في ما يتعلق بالكتاب الورقي – التفاعلي، فأكدت أن “الكتاب هو ترجمة للمنهج من خلال مادة صالحة للتعليم والتعلم”، مشيرة الى أن “الكتاب الورقي التقليدي سوف يبقى موجودا بين أيدي المتعلمين لمرحلة معينة حتى يتم تعميم الكتاب الرقمي. كذلك يمكن للكتاب الرقمي ألا يكون بالضرورة كتابا تفاعليا”، لافتة إلى أن “التفاعلية تكمن بالانشطة الصفية واللاصفية، وبالتواصل، وبطرائق التعليم الناشطة، وبالتمارين التطبيقية، وبالمشاريع المشتركة وبالمستندات الرقمية الداعمة”.

يرق
بدوره، قال المدير العام للتربية فادي يرق: “من المتعارف عليه أن المناهج هي خطة العمل للمدرسة والمعلم والمدير والمسؤول التربوي حول ما يجب أن نقدمه لتلامذتنا، وما نتوقعه منهم أن يصبحوا عليه بعد إنجازهم لكل عناصر المنهج. وأهم ما يمكن التركيز عليه هو شخصية هذا المتعلم وكيف يمكننا أن نؤثر فيها. والسؤال الأهم هنا هو: أي تلميذ نريد؟ وكيف يجب أن تكون مناهجنا لكي نتمكن من تكوين هذا التلميذ الذي نريد؟ في مجتمع تعددي كالمجتمع اللبناني، يكون دور المدرسة دقيقا ومهما لأنها تتعاطى مع تلامذة من خلفيات متعددة، ومتأثرين بالمجتمع المحيط بهم وبأسرهم التي تنتمي بدورها إلى مكونات المجتمع اللبناني. عندما ننطلق من واقع مجتمعنا يصبح من السهل رسم الصورة للمتعلم، والتي تساهم المدرسة بتشكيلها استنادا إلى المناهج التي تقوم بتطبيقها وطرائق التعليم التي تعتمدها وهيئتها التعليمية والإدارية”.

أضاف: “إن لبنان بحاجة إلى جيل متميز، جيل يكون أعضاؤه منفتحين على بعضهم البعض، متعاونين في سائر المجالات. نريدهم شبانا وشابات متسامحين، ومكتسبين للقيم التي نعتز بها كلبنانيين. نريدهم مواطني المستقبل المسؤولين عن تقدم الوطن وتنميته الاقتصادية والاجتماعية. جيل لديه ذاكرة جماعية يبنيها بواسطة تاريخه المشترك. نريد تلميذا يحسن القيام بأبحاث علمية ليكون من أصحاب الفكر الناقد والمبدع، تلميذا متيقظا للأحداث والقضايا والمسارات ومجريات الأمور على مستوى محلي، عالمي، كوني، لديه القدرة على تقبل الخطأ وعلى التفكير والعمل في إطار فريق تعاوني، لديه المعرفة الأولية بأمور الإقتصاد العالمي ومدركا لأهمية الثقافة السياسية والاجتماعية، وقادرا على استخدام لغته الأم ولغات أخرى”.

وتابع: “للوصول إلى هذه الغايات العامة في المناهج، علينا أن نحدد نوع المناهج التي سنطورها لتفي بالغرض. إذ إن هناك مناهج لا تساعد على ذلك حتى ولو تصدرت أهدافها عبارات منمقة عن بناء شخصية المواطن. فهناك مناهج يقتصر دورها على إجبار المتعلم على حفظ كم هائل من المعلومات ثم تسميعها شفويا أو خطيا. وهذا لا يعطي الفرصة المناسبة لبناء الجيل الذي نطمح إليه. وهذا يقودني إلى طرح تساؤلات ترتبط بالغاية التي يجب أن تسعى المناهج إلى تحقيقها كما ذكرت”.

وأردف: “هل نريد منهج المادة الدراسية الذي يعتبره بعض التربويين منهجا تقليديا، أو نريد مناهج تستند إلى المخرجات أو مناهج تستند إلى المعايير، وهذا ما بدأت العمل به مجموعة من الدول العربية، خصوصا دول الخليج. أو نريد منهج الكفايات. لقد أظهرت التجربة أن عددا غير قليل من المعلمين لم يحسنوا تعريف الكفاية ولا كيفية تطبيقها عند تقييم طلابهم. فكيف للمعنيين أن يتجاوزوا صعوبة تطبيق منهج الكفايات، هل سيبقى تقييم عمل التلامذة مبنيا على الحفظ، ومن دون تقييم أي مهارة، حتى في الامتحانات الرسمية؟ هل سيتم تنظيم دورات تدريبية سليمة وبواسطة أناس أكفاء يعرفون بعمق ما هي الكفايات وكيف تطبق؟ وهل سيبقى عدد المواد الدراسية مرتفعا لأنه يؤثر على نوعية أداء التلامذة؟”.

وقال يرق: “نجيب ونقول إننا نريد مناهج تسهم في التعليم مدى الحياة (Life Long Learning) وذلك تطبيقا لالتزام لبنان بأهداف التنمية المستدامة خصوصا الهدف الرابع، مناهج نجد فيها إمكان التأقلم مع التطورات التكنولوجية والتقدم العلمي. والتأقلم بحسب القدرات في شكل متواز يأخذ في الاعتبار التلامذة المميزين واهتمامات التلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة من ناحية الفنون العلوم الاجتماعية والعلوم التطبيقية”.

أضاف: “نريد مناهج تقدم آليات تعليم تثير عملية التفكير عند المتعلم وتساعده على ابتكار أفكار جديدة وتطوير آفاق أوسع، وتشجع على العلاقات الإيجابية المتبادلة بين المتعلمين القائمة على مبدأ التعاون والتبادل وليس على التنافس وذلك من خلال تطبيق استراتيجيات مختلفة أهمها التعلم التعاوني Cooperative Learning، وتنمي لدى المتعلم مهارات تجنب النزاعات وحلها والمهارات الإدراكية بمفهوم حقوق الإنسان واحترام حقوق الآخرين. كما تنمي لديه مهارة التفكير الناقد البناء وتحرره من التبعيات العمياء”.

وتابع: “السؤال الذي يطرح: هل يجب في المناهج الجديدة إدخال عناصر أو موارد بشرية جديدة على المدرسة كمثل المساعدين الاجتماعيين، والمتخصصين بالصحة العامة وغيرهم؟ لذا يجب أن ننطلق مما لدينا، ونعمل على تطويره بما يتلاءم مع مستوى تلامذتنا وقدرات المعلمين العاملين في مدارسنا، الرسمية والخاصة، وذلك بالمقارنة مع التوجهات العالمية، هذا مع التشديد على إمكانات تطبيق هذه التطلعات في مدارسنا وثانوياتنا في المدن والمناطق الريفية بمعنى الأطر القانونية والأنظمة التي ترعى حوكمة وإدارة القطاع ومن ثم البنى التحتية والتجهيزات والمستلزمات لعملية التعليم، إلى المديرين والمعلمين، مع الأخذ بالاعتبار تأثير هذه المناهج على الاستثمارات في المدارس من الناحية الاقتصادية، وما لها من انعكاسات على تكلفة التعليم. كما تأثيره على تمهين التعليم لناحية عدد الهيئات التعليمية وإمكانية التوظيف أو الاستغناء عن الرأسمال البشري الموجود حاليا في قطاع التعليم بكل الأشكال القانونية لهذه الموارد من ملاكات وتعاقد”.

وختم: “هذه بعض التساؤلات التي لا بد لنا من التفكير بها لأنها انطلقت من واقعنا من جهة، وتحاكي تطلعاتنا لنوعية مناهج أفضل من جهة ثانية”.

التفتيش التربوي
وألقى المفتش التربوي سلمان زين الدين كلمة التفتيش التربوي ودوره في تطوير المناهج، فقال: “ان المناهج التربوية تلعب دورا مهما في حياة المجتمعات والأفراد، من خلال سعيها الى تحقيق أهداف المجتمع والفرد وأحلامهما، وهي تنطلق من الواقع ومعطياته وتستشرف الحاجات المستقبلية. ولأن الواقع متحرك، والمستقبل ليس معطى نهائيا، تسعى المجتمعات الحيوية الى تطوير مناهجها دوريا، بما يلبي مقتضيات الواقع، ويواكب حركة المستقبل. فالمناهج الجامدة محكوم عليها بالبقاء خارج العصر، ما يجعل عملية تطوير المناهج واجبا وطنيا بامتياز”.

أضاف: “في لبنان، عرفت المناهج فترتين اثنتين طويلتين من الجمود، على الأقل، امتدت الأولى قرابة ثلاثة عقود، من أواخر الستينيات حتى أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وقد يعود السبب في ذلك، في جانب منه، الى الحرب الأهلية التي شهدها وطننا، وامتدت الثانية عقدين اثنين، من العام 1997 حتى اليوم، والسبب في هذه الفترة ليس الحرب بالتأكيد، فحين صدرت المناهج الأخيرة بالمرسوم 10227 تاريخ 8/5/1997، نصت المادة الثالثة منه، في بندها الثاني، على ما حرفيته: “تعتبر المناهج التعليمية قيد الدراسة المستمرة من قبل المركز التربوي للبحوث والانماء، وتجري اعادة النظر فيها كل أربع سنوات على الأقل، تعدل بنتيجتها المناهج وفقا للأصول”. ومع هذا، مر عقدان حتى الآن ولم يجر تطبيق هذا النص، على أمل أن يشكل مشروع “تطوير المناهج نحو مناهج تفاعلية”، الحالي، البداية الفعلية لتدارك التأخر الحاصل، فأن تأتي متاخرا خير من أن لا تأتي أبدا”.

وتابع: “إذا كان وضع المناهج ينطلق عادة من الواقع ويستشرف المستقبل، فإن عملية تطويرها تخضع للقاعدة نفسها، ولكي تؤتي هذه العملية ثمارها المرجوة، لا بد من الوقوف على آراء العاملين، على الأرض، في تطبيق المناهج، من أساتذة ومعلمين، وآراء المكلفين قانونا مراقبة التطبيق، من مفتشين تربويين، واشراك الفريقين في هذه العملية، فأهل مكة أدرى بشعابها. واذا كان تطوير المناهج حاجة ملحة لمواكبة التطور، فهذا لا يعني أبدا أن يتم التطوير بشكل متسرع أو مرتجل أو تحت وطأة مهل زمنية قصيرة، وفي الوقت نفسه يجب ألا تكون المهل مفتوحة. أما اسقاط نظريات تربوية وأكاديمية، من فوق، دون دراسة الواقع ومتطلباته، والمستقبل وحاجاته، فمن شأنه الاخلال بترابط المناهج أفقيا وعموديا، والخروج بالتعديل عن مساره وأهدافه”.

وأردف: “في النص، نصت المادة 15 من المرسوم 2460 تاريخ 9/11/1959، المتعلق بتنظيم التفتيش المركزي، على ما يلي: “تؤدي المفتشية العامة التربوية مهمتها في الحقل التربوي، وتفتش جميع معاهد التعليم الرسمي على اختلاف درجاته ومراحله وأنواعه وفروعه، فتراقب بوجه خاص: سير العمل في هذه المؤسسات التعليمية، كفاءة أفراد الهيئة التعليمية وكيفية قيامهم بواجباتهم ومسؤولياتهم، مدى تطبيق أنظمة التعليم ومناهجه، مراقبة المرشدين التربويين وكيفية قيامهم بواجباتهم”. واذا كان النص، في الجزئية المتعلقة بالمناهج، يحصر دور المفتشية العامة التربوية في مراقبة مدى تطبيقها، فإن حركة الواقع تخطت هذا الدور الى المشاركة الفعلية في وضعها، والانخراط في مختلف الأنشطة المتعلقة بها”.

وقال: “في الواقع، وبالعودة الى مناهج التعليم العام الصادرة بالمرسوم 10227 تاريخ 8/5/1997، فقد شاركت المفتشية العامة التربوية في وضع المناهج، وتأليف الكتب المدرسية، ومواكبة الدورات التدريبية عليها، ومراقبة تطبيقها ميدانيا في مؤسسات التعليم الرسمي. في مجال وضع المناهج، وبالانتقال من التعميم الى التعيين، فقد شارك المفتش العام التربوي الأسبق المرحوم الدكتور محمد كاظم مكي في عضوية الهيئة الاستشارية لوضع المناهج، وشغل دور المنسق العام في مادة “التربية الوطنية والتنشئة المدنية”، وهو دور على قدر كبير من الأهمية، تمخض عن وضع كتاب موحد في هذه المادة، تطبيقا لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، من توحيد الكتاب المدرسي في مادتي التربية والتاريخ، الأمر الذي تحقق في التربية، وما يزال التاريخ أسير الصراعات السياسية، ولأننا لا نحب الأضواء فقد مر هذا الانجاز مرور الكرام، الى حد أن كثيرا من المسؤولين لا يعرفون أن ثمة كتابا موحدا في مادة التربية، ويخرجون على الملأ بتصريحات تطالب بوضع كتاب موحد فيها. وفي المجال نفسه، شارك سبعة مفتشين تربويين في وضع المناهج في المواد التعلمية المختلفة”.

أضاف: “في مجال تأليف الكتاب المدرسي، لعبت المفتشية العامة التريوية دورا مهما في عملية التأليف، فقد شارك ستة عشر مفتشا ومفتشة في تأليف الكتب المدرسية، في المواد التعلمية المختلفة، بعدد تسعة مفتشين تربويين في مادة التربية الوطنية، مفتش واحد في اللغة العربية، مفتشة واحدة في اللغة الفرنسية، مفتشة واحدة في اللغة الانكليزية، مفتشة واحدة في الترجمة والتعريب، مفتش واحد في الرياضيات، مفتش واحد في العلوم، ومفتش واحد في الجغرافيا. في مجال الدورات التدريبية على المناهج الجديدة، واكب المفتشون التربويون معظم الدورات التدريبية التي أقيمت في دور المعلمين والمعلمات في الأقضية المختلفة، وشارك بعضهم في شرح دروس نموذجية جرى تصويرها من قبل المركز التربوي للبحوث والانماء، وشارك بعضهم الآخر في اطلاع المعلمين على كيفية استثمار كتب اللغة الفرنسية للحلقة الثالثة من مرحلة التعليم الأساسي. في مجال مراقبة التطبيق في المدارس والثانويات، حضر المفتشون التربويون مئات الدروس، ونظموا بنتيجة ذلك التقارير اللازمة التي تتضمن الملاحظات والارشادات المفيدة”.

وتابع: “هذا الدور نهضت به المفتشية العامة التربوية رغم النقص الكبير في مواردها البشرية، ايمانا منها بأهمية المناهج في حياتنا التربوية والوطنية، وهي، اليوم، على أتم الاستعداد لمواكبة عملية تطوير المناهج وتعديلها بما يلبي مقتضيات الواقع، وينسجم مع روح العصر، رغم قلة الموارد البشرية والشغور الكبير في عدد المفتشين التربويين الذي لا يتعدى سبعة وعشرين مفتشا تربويا في كل لبنان. فنحن معنيون بهذه العملية، ولن ندخر وسعا في المشاركة بكل ما يحدث مناهجنا، وينهض بمؤسسات التعليم الرسمي”.

البحوث التربوية
وعرضت رئيسة مكتب البحوث التربوية في المركز التربوي الدكتورة كيتا حنا على الشاشة، دور الأبحاث والدراسات في تطوير المناهج التعليمية من خلال “إشراك صانعي القرار في الأبحاث والدراسات التربوية ليصار إلى اعتمادها قبل البدء بأي عملية تطوير في القطاع التعليمي التربوي، على اعتبار أن رسم السياسات والاستراتيجيات التربوية يستند إلى نتائج الأبحاث والدراسات وتحليل البيانات الإحصائية لتشخيص المشاكل التي يعاني منها القطاع التعليمي واقتراح البدائل المناسبة لها. ووضع الخطط وآليات العمل لتنفيذها ضمن رؤية متكاملة تساهم في تحقيق التحول الاجتماعي لتلبية حاجات وتوقعات جيل القرن الواحد والعشرين”.

جلسات الورشة: نماء في المركز التربوي
ثم توالت جلسات العمل، فعقدت الجلسة الثانية بعنوان: هندسة المناهج وتولت إدارتها منسقة الهيئة الأكاديمية في المركز التربوي للبحوث والإنماء رنا عبد الله وتحدث خلالها الأستاذ المحاضر في الجامعة الأميركية والخبير التربوي الدكتور رؤوف غصيني. كما شارك فيها كل من مستشارة اليونسف في المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة كلودين عزيز. كما تحدث الأستاذ والعميد السابق لكلية التربية في الجامعة اللبنانية والمستشار في المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتور أنطوان طعمه عن سمات المتعلم اللبناني، فيما تناولت مديرة الجلسة الاختبارات الدولية والامتحانات الرسمية. كذلك تحدثت رئيسة قسم اللغة الإنكليزية في المركز التربوي للبحوث والإنماء سامية أبو حمد. واختتمها رئيس ومؤسس مركز سكيلد الدكتور نبيل قسطا الذي تناول موضوع التعليم والتعلم للجميع: الذكاءات المتعددة وأنماط التعلم.

وفي الجلسة الثالثة التي عقدت بعنوان “المعلمون والمناهج التربوية”، تولت الإدارة رئيسة مكتب الإعداد والتدريب في المركز التربوي للبحوث والإنماء رانيا غصوب، وتحدث فيها كل من عميدة كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتورة تريز الهاشم حول المعلم في العملية التعليمية التعلمية: الإعداد الأساسي، فيما تناولت مديرة الجلسة موضوع التدريب المستمر. وتحدثت أيضا، مديرة الإرشاد والتوجيه في المديرية العامة للتربية هيلدا خوري عن المتابعة في الصف. وتناولت الأستاذة في كلية التربية والمستشارة في المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة سوزان أبو رجيلي موضوع الأطر المرجعية لكفايات المعلم، فيما تحدثت عن الموضوع نفسه الأستاذة في جامعة القديس يوسف والخبيرة التربوية في المركز الدكتورة إيفات غريب.

وتحدث بعد ذلك رئيس قسم الإدارة التربوية في المركز أكرم سابق عن موضوع الأطر المرجعية لكفايات المدير. فيما تناولت الدكتورة المحاضرة في الجامعة اللبنانية – كلية التربية والمستشارة في المركز ليليان ريشا عن البيئة المدرسية والبيئة الصفية. وتحدثت رئيسة قسم الأندية المدرسية والنشاطات غير المنهجية في المركز سهام أنطون عن موضوع الأنشطة اللاصفية والبرامج الداعمة، ورئيسة قسم الخدمات النفسية والاجتماعية في المركز الدكتورة سمر الأحمدية.

وفي الجلسة الرابعة التي عقدت بعنوان “الخدمات الفنية والتواصل التربوي” وتولى إدارتها منسق الوحدات الفنية في المركز باسم عيسى، تحدث رئيس وحدة إدارة المنصات الإلكترونية في المركز أحمد ديب في موضوع المنصة الإلكترونية، فيما تناولت رئيسة قسم المعلوماتية التربوية في المركز غريس صوان موضوع موقع المركز التربوي للبحوث والإنماء الإلكتروني. وتناول رئيس وحدة هندسة التوثيق في مكتب التجهيزات والوسائل التربوية في المركز المهندس أمير عاشور موضوع المكتبة الرقمية للمركز. واختتمت الجلسة رئيسة قسم المعلوماتية التربوية في المركز غريس صوان عن موضوع التكنولوجيا في خدمة التعلم والتعليم.

وعقدت الجلسة الخامسة والأخيرة بعنوان “التجهيزات المدرسية والوسائل التربوية” وأدارها رئيس مكتب التجهيزات والوسائل التربوية في المركز جورج نهرا، وتحدث فيها ممثل رئيس جامعة القديس يوسف للتطوير الإقليمي والبرامج الخارجية الدكتور فادي الحاج عن موضوع طرائق التدريس، فيما تناول مدير الجلسة موضوع الكتاب المدرسي من الورقي إلى الإلكتروني التفاعلي، والمديرة التنفيذية في شركة ميكروسوفت رولا شهاب موضوع الوسائل الداعمة والتجهيزات الصفية والمدرسية. ثم تحدثت رئيسة قسم الاجتماع والاقتصاد في المركز ايفا غصبيه عن موضوع الحقيبة المدرسية والفروض المنزلية، فيما عرضت هدى خوري من قسم العلوم في المركز موضوع الغرفة الخضراء Green Demonstration Room. واختتمت الجلسة بعرض نماذج من حصص تفاعلية قدمه رئيس وحدة التلفزيون والإذاعة التربويين في المركز عبدو يمين.

عن mcg

شاهد أيضاً

وفد تجمع المعلمين يعود من مؤتمر الرباط والتوصيات تدعم المدرسة الرسميّة

بوابة التربية: عاد وفد تجمّع المعلمين في لبنان من مشاركته في المؤتمر 21 لاتّحاد المعلّمين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *