Breaking News

لخطة مواجهة لضغوط المؤسسات الدولية المانحة ولتأمين استمرار التعليم الرسمي وقدرته التنافسية

بوابة التربية- كتب النقابي عدنان برجي:

تتواصل الضغوطات التي تمارسها المؤسّسات الدوليّة المانحة، على وزارة التربية والتعليم  العالي بهدف الغاء دوام بعد الظهر لتعليم الطلاب النازحين ودمجهم مع الطلاب اللبنانيين في دوام قبل الظهر.

إن هذه المؤسّسات ومن خلفها الدول المموِّلة لا تريد في حقيقة الأمر مصلحة الطلّاب السوريّين ولا الطلاب اللبنانيّين بل ان الذي يهما أمران: الأول عدم وصول كأس النزوح العشوائي اليها، والثاني: عدم استقرار الوضع في سورية لغايات متعددة. 

أمام ذلك لا بد من وضع خطة لمواجهة هذه الضغوط حكوميًا ورسميًا وعلى مستوى المجتمع الأهلي وليس المدني بمعناه الفضفاض والفوضوي، وإعداد ما يلزم لاستمرار التعليم الرسمي وتعزيزه وتطويره وضمان قدرته على المنافسة مع التعليم الخاص. واننا نشرح ذلك بما يلي:

أولًا في الضغوطات وأهدافها ومخاطرها:

1- تتواصل ضغوطات الدول المانحة لإلغاء تعليم النازحين السوريين في دوام بعد الظهر وتطالب بدمجهم مع الطلاب اللبنانيّين والسوريّين في دوام قبل الظهر. وهي تشترط ذلك لتقديم الدعم المالي لوزارة التربية.

2- ان الغاء دوام بعد الظهر ودمج جميع الطلاب النازحين السوريّين في دوام قبل الظهر له تداعيات خطيرة على استمرار التعليم الرسمي، الذي بدونه تفقد مئات آلاف العائلات اللبنانية قدرتها على تعليم أبنائها، سيما وان الأزمة الإقتصاديّة والماليّة آخذة في التفاقم ولا بوادر لحلّها.

3- ان تفاوت الولادات بين اللبنانيّين والسوريين النازحين لأسباب عديدة إحداها الأزمة الاقتصادية التي تؤخر سن زواج اللبنانيين، سوف تجعل من التعليم الرسمي في حال الدمج الكلي، تعليمًا للنازحين فقط، الأمر الذي يترتب عليه لاحقًا غسل الحكومات يدها من هذا التعليم وإنهائه، سيما وان وعود الدول المانحة هي وعود كاذبة، والدليل مماطلتها في تنفيذ وعودها السابقة وتجربة الأونروا مع اللاجئين الفلسطينيين وتحديدًا في السنوات الأخيرة.

4- ان الهدف الحقيقي للدول المانحة ليس هدفًا إنسانيا هادقًا لضمان تعليم النازحين، انما ذلك ستار لمنع تدفق النازحين عشوائيًا الى أوروبا، هذا من جهة. ومن جهة ثانية لمنع عودتهم الطوعيّة والآمنة الى بلدهم، لأن المخطط الحقيقي لما جرى ويجري في سوريا هو تقسيم هذا البلد وفق مخططات الشرق الأوسط الجديد ومشروع برنارد لويس، لذلك هم يستمرون مع الأميركيين في تنفيذ قانون قيصر الظالم وفي استمرار العقوبات اللاإنسانية ضد الشعب السوري لتجويعه وحرمانه من موارده الطبيعية.

5- ان اعتماد جمعيّات المجتمع المدني لدفع التمويل لها، ليس بهدف منع الفساد في الدوائر الرسميّة اللبنانية،وهذا حقٌ يراد به باطل، انما لضمان ولاء القائمين على هذه الجمعيّات وتقاسم الأموال بين الجمعيّات والموكلين الدوليّين بالأموال، و لتسهيل تعميم التوجهات اللاأخلاقية كالشذوذ الجنسي في أوساط اللبنانيين والسوريين على السواء. ان تجربة إحدى الجمعيات باستغلال الأطفال التي تم فضحها خلال الأيام القريبة الماضية تؤكد هذا التخوّف.

ثانيًا في الحلول وأسلوب المواجهة

1- على الصعيد الحكومي الرسمي.

1- إصدار قرار من الحكومة اللبنانيّة على مستوى مجلس الوزراء يرفض خطة الدمج التي تضغط الدول المانحة لفرضها.

2- عدم فتح مدارس لتعليم النازحين في مباني المدارس الرسمية، وإلزام الدول المانحة باستئجار أبنية خاصة لهم، وتأمين التجهيزات لهذه المباني. لقد استخدمت الدول المانحة المباني المدرسيّة الرسميّة وتجهيزاتها لمدة تزيد على 10 سنوات، واستفادت من إدارات المدارس ومعلّميها بفتافيت الأموال، ولم تدفع ما عليها بل لجأت الى المماطلة والتسويف ومحاولة فرض أجندتها على وزارة التربية، وبخاصة بعد ان وقع لبنان في أزمته الاقتصادية والمالية، التي كان النزوح والعقوبات وقانون قيصر بعض أسباب التعجيل في وقوعها.

3- إلزام الدول المانحة بدفع مبلغ مالي موحدًا لصناديق المدارس عن الطالب النازح وعن الطالب اللبناني في المدارس الرسمية، ليس منّة ولا حسنة، بل لأن الطالب اللبناني يخسر من قيمة البناء والتجهيزات ووسائل التعليم التي هي ملك للأجيال.

4- على وزارة التربية إجراء اوسع حركة مناقلات بين المعلمين لاختصار المسافات بين بيت المعلم ومركز عمله، اختصارًا للوقت وتخفيفًا من كلفة النقل.

ب – على صعيد المجتمع الأهلي وليس المدني

1- ان تفاقم الأزمة الماليّة والاقتصاديّة المُصاحبة لأزمة سياسية بنيوية، وعدم وجود امكانيات حقيقية لإنماء تقوم به الحكومات مركزيًا يفرض اعتماد منهج الإنماء على المستوى اللامركزي، بدءًا من الحي الى القرية فالمدينة والقضاء والمحافظة. انه إنماء يعتمد على التعاون بين أبناء المجتمع الصغير الواحد، وهذا يُعتمد عادة في المجتمعات والدول الضعيفة.

2- ان على البلديّات والمجالس الإختياريّة والأندية والجمعيّات والأحزاب والمتموّلين في كل حيّ وقرية، وضع خطة مشتركة لضمان توفير مستلزمات التعليم في المدارس الرسميّة، وعدم الاكتفاء بترك المسؤوليّة على وزارة التربية او الحكومة فقط. ان باستطاعة ادارة المدرسة مع مجلس الأهل فيها والمجتمع الأهلي من بلدية ومخاتير وجمعيات واندية واحزاب تأسيس صندوق دعم للمدرسة والمعلّمين، وتعيين مدقق حسابات لضمان الشفافيّة وحسن صرف الأموال، ويكون الجميع شركاء في المراقبة والمتابعة. بهكذا حال يطمئن المعلم والإدارة ويسير العام الدراسي بدون اضرابات وتعطيل قسري.

3- ان التعاون بين مكوّنات المجتمع الأهلي يضمن توفير الامكانيات المادية لتسجيل الطلاب غير المقتدرين بعد ان تم رفع قيمة رسوم التسجيل التي تتخطى الرواتب الشهرية لكثير من العاملين في القطاع العام او الزراعي فضلًا عن الذين لا يجدون عملًا ويُصنّفون في خانة الواقعين تحت خط الفقر المدقع.

4- اننا لا ندعو الى تخلّي الدولة عن مسؤوليّاتها لكن لا يُمكن انتظار الدولة الغائبة حتى أجل مجهول كي تقوم بهذه  المسؤوليّات. ان من السهل إصدار بيانات الإدانة والشجب لتصرفات الطبقة الحاكمة التي تسببت في كل المآسي التي يعانيها اللبنانيون، لكن إضاءة شمعة تعليميّة أمام الأجيال، أفضل من لعن الظلام الذي سوف يطول طويلًا اذا تم حرمان هذه الأجيال من حقّها في التعليم.

*مدير المركز الوطني للدراسات

*نقابي ومستشار تربوي سابقًا

About tarbiagate

Check Also

طرابلسي: مبروك… انتصر العقل

بوابة التربية:  بعد القرارات التي اتخذها وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي بخصوص الامتحانات الرسمية …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *