Breaking News

مصالحات الجامعة اللبنانيَّة وخوارق الاشباح

بوابة التربية- كتب د. كميل الأشقر: تتألف الهيئة التعليميّة في الجامعة اللبنانيّة من اساتذة متفرِّغين واساتذة متعاقدين وهذا وفقًا لقانون تنظيمها. قد يتخيَّل المرء بأن الفرق بين الفئتين تقنيٌّ بحتٌ، يستوجبه انتظام العمل فيها، لكن الواقع غير ذلك منذ سنوات حيث تحكم العلاقة القانونيَّة بين المتعاقد وادارة الجامعة ما يسمى “عقود المصالحة”.

لم تعد لدي الرغبة في بحث هذه العقود من وجهة نظر قانونيَّة رغم حماستي سابقًا لفعل ذلك، ولا لتبيان مقدار مجافاتها لحقوق الانسان وكافة اساليب الابتزاز التي يتعرَّض لها المتعاقد من خلالها، ومنها على سبيل المثال حسم خمسة بالمئة من قيمتها لصالح هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، حيث يُجبر المتعاقد كل سنة على طلب المصالحة كحلِّ وحيد لقبض مستحقّاته التي تتأخر زهاء سنة ونصف كمعدل وسطي؛ ما ارغب في فعله هنا، هو ان اقارب الموضوع من خلال المساواة في الحقوق والواجبات او بالأحرى من واقع التمييز العنصري الذي يتعرض له المتعاقد حتى تم وصفه بالشبح.

تتساوى فئتا الاساتذة في الجامعة اللبنانية في الواجبات، وتُسند اليهم نفس المواد والمقررات التعليمية، اما في الحقوق فليس للمتعاقد حصَّة تُذكر؛ هو لا يستطيع القيام بأدوار اداريَّة او قياديَّة في مؤسسة قائمة على الادارة الجماعيَّة في فلسفة وجودها، لا تُدعم ابحاثه من قبل الجامعة الا ان احتمى بظلِّ متفرِّغ يشاركه بحثه، لا ضمانَ صحيًا لا بدل نقل ولا حتى تعويضًا ان اصابه مكروه….نكرةٌ هو…شبحٌ لا يظهر الا وقت الحاجة اليه في التعليم وحذارِ ان يطالب بحقِّه الطبيعي بالتفرُّغ حيث يُدعى فورًا الى انتظار الفَرج والتوافق السياسي!

لعل كل ما تقدَّم قد حفظه الجميع لكثرة ما قيل، ولكن ما الذي تم فعله لرفع الغبن والظلم عن المتعاقد؟…هي سياسة “العمل كالمعتاد”. تتصرف الجامعة وكأن شيئًا لم يكن او ان الفرج لا بُدَّ يومًا آت. وتتحول المسألة الى معالجة الامور بالمفرَّق والنجاة بالنفس، ويُطالَب “الاشباح” مرَّة اخرى بمزيد من التضحيات وبفعل الخوارق، ويستمر المسؤولون في محاولة تسيير الجامعة “بالموجود” بدل ان ينتفض الجميع ويحققوا العدالة  فتنتظم الامور ويستقيم وضع اكبر صرح للتعليم العالي في لبنان.

لا شيء من هذا القبيل…كل يوم سأمٌ جديد، العمل كالمعتاد، وكأن الجميع قد فعل ما عليه كما يظن، وفي نهاية كل عام دراسي تتصالح الجامعة مع الاشباح وتدعوهم الى مزيد من الانتظار.

لقد سَئمت الاشباحُ هذا التمييز وقد توقَّفت عن فعل الخوارق منذ حين…الكل مسؤول، واوَّلهم كل من لديه مسؤوليَّة اداريَّة، ليس الحل في تسيير الجامعة في ظل اضراب المتعاقدين، ليس الحل في اقناع بعضهم بالعدول عن الاضراب حتى يملَّ الباقون او ييأسون، لا تبنى المؤسسات ويبنى الانسان وتتحقق رسالة الجامعة بهذه الطريقة.

قفوا وقفةً واحدة لحماية الحقوق وتحقيق العدالة في الجامعة اللبنانيَّة، قاوموا كافّة اشكال التمييز والعنصريَّة المقيتة، توقفوا عن نظريَّة النجاة بالنفس والتعامي عن الآخر فهي لا تنفع، ولن تؤدي الّا الى مزيدٍ من الانهيار.

  • أستاذ متعاقد بالساعة (منذ اكثر من عشر سنوات).

 

About tarbiagate

Check Also

مدارس المبرّات تُطلق فعاليات أسبوع المطالعة الخامس عشر

بوابة التربية:  افتتحت مدارس المبرّات أسبوع المطالعة الخامس عشر تحت عنوان “نقرأ ونتحدى في رحاب …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *