أخبار عاجلة

ملاحظات حول يوم الأبحاث الفرنكو – لبناني تحت عنوان: أبحاث للمستقبل!

بوابة التربية- كتب جورج طانيوس الزغبي:

في الوقت الذي تستمرّ المعارك السياسية والمبارزات الكلامية والمناكفات بين المسؤولين وفي لحظات الإضطراب من هذا التفلّت لسعر الدولار وجنون الأسواق والتقلبات المالية البشعة والمؤذية … وسط هذا الوضع الحرج كان هناك أناس يبادرون الى العمل والسعي الدؤوب للحفاظ على دور البلد في مجال الأبحاث والعلوم والتعليم لمجابهة ذاك الـ”لبنان الآخر ذو الوجه البشع والقضاء عليه!

هذه أول خاطرة تنطلق في الرأس حينما تدخل الى صالة اللقاء في مدرسة الأعمال العليا  في كليمنصو (ESA)  .

يوم 14 كانون الأول 2021 يعاكس يوم 14 آب 2021؛ هنا لبنان آخر لعلّه هو البلد الحقيقي ورسالته الرائدة في مجال التعليم والإبداع والإبتكار … إنه يوم يعاكس بشكل أساسي مجريات الأمور في لبنان والأزمات التي يصنعها حكّامه وسياسيّوه الميامين!

“يوم البحوث للمستقبل” أو العمل الجاد في الحاضر لوضع أساسات متينة لتأمين المستقبل في البلد وتطوّر المجتمع أو حتى دفعه نحو حياة لائقة مستقرة وفاعلة.

I الملاحظات البارزة التي يكوّنها المشارك في مجريات هذا اللقاء:

أ- المواهب المشاركة:

تجد هنا مجموعة عناصر شبابية ناشطة ملتزمة طموحة تعالج مواضيع مهمّة قد تساعد في إيجاد حلول لكثير من مشاكل  البلد المستعصية (ما يقارب من 50 جامعي ومشارك) .. فماذا يمنع الحكّام وأصحاب السلطة من الإستعانة بهذه العناصر الموهوبة وبالدراسات التي توصّلوا الى إتمامها بتفوّق وإتقان. ألاّ كنا نوفّر كل تلك المعناة والضياع والتقهقر؟

ب- العنصر النسائي:

من الملاحظ طغيان أعداد الباحثات اللواتي شاركنا في تقديم مواضيعهن البحثية ؛ ومنهنّ ما زلنا في مراحل عمرية شابة نسبية. إنها ظاهرة تلفت النظر وتدعو الى الإرتياح لهذه الحالة المستجدة.. فهل إن الباحثين الذكور يهاجرون تاركين الدور الى المرأة؟ أم ان الوقائع تتبدل في مجتمعنا؟ يبدو أيضا ان المرأة تقتحم هذا المجال وتتابع علومها ودورها كما الرجل وأكثر وقد أزيلت من دربها العوائق والحدود؟ أسئلة نضعها امام الباحثين ايضاً في مجال الشأن الإجتماعي علّهم يجدون تفسيرات موضوعية لظاهرة هذا التبدّل!

ج- الإندفاع والتعميم:

ظاهرة تتجلّى من عدد المشاريع البحثية التي يقدمها طلّاب الدراسات العليا وذلك للحصول على منح تمكنهم الإنتقال الى العمل الفعلي والإنجاز والنجاح (تمّ تقديم 73 مشروع من قبل كافّة الشركاء بهدف الإختيار من بينها)… ولا يغيب عن البال كم يتطلّب ذلك من التزام وجهد ورويّة وتضحيات للإنطاق في مسيرة شاقة تفرض قوانين واضحة يجب إتّباعها، ولا مساومة أو إستلشاق في هذا المجال.

 د – المواضيع:

من الملاحظ ايضاً تناول الباحثون مواضيع متعددة  تتصل بوضع البلد من كافة النواحي كحماية البيئة والتلوث والصحّة العامة (صحة واحدة متكاملة)  والثروات الطبيعية والزراعية والحيوانية والإبتكارات.. كأنما تركيز هؤلاء ينصبّ على تقديم خدمة لبلدهم والمساهمة في ايجاد الحلول المناسبة و المفيدة. مثال على ذلك معالجة مواضيع الكوفيد 19 وما ترافق مع إنتشاره من نتائج وأساليب لمعالجة هذه الآفّة من قبل السلطات ؛ سيّما في مجتمع يواجه عدم إستقرار سياسي وازمة إقتصادية – مالية لها إنعكاسات كبيرة على المجتمع اللبناني الهشّ وأوضاع اللآجئين، ومن الواضح ان كل ذلك يؤدي الى العديد من المشاكل النفسية وكأنها حلقة مترابطة تؤثّر الواحدة على الأخرى فتتفاقم الأمور، إن لم تبادر جهة ما بتأمين العلاج اللازم.

ه- إدارة التعاون والمجابهة:

الملاحظ أيضا قيام شبكة تضامن وتعاون وتآزر بين مجموعة من الأشخاص والشركاء الذين يتولون مهمّة الإعداد والتحضير وإختيار المواضيع والباحثين  المؤهلين للقيام بالأبحاث من الناحية العلمية والكفاءة الفكرية التحليلية. كل ذلك يدلّ على قناعة وقدرة على الإنفتاح واحتضان الباحثين ومواكبة اعمالهم بكل جدّية واهتمام وعناية الى حدّ الشغف، هذا ما يؤدي الى نسج علاقة سليمة بين كافّة المعنيين بعيدا عن التنافس السخيف.

و-  الذهنية العلمية والتواضع:

إن تعدّد الأشخاص والمؤسسات التي تؤمن مظلّة لتحقيق هذا المشروع يفترض درجة عالية من التنسيق ووضع رؤيا من حيث اختيار المواضيع ومتابعة الأعمال البحثية وبألتالي تقييمها بكل موضوعية وأمانة وتقدير علمي واضح.. ذلك أن التركيز على المبادئ واساليب البحث والتدرّب على مسار التفكير العلمي وإمتلاك التقنيات المطلوبة واحترام الحقائق اساس للوصول الى دراسات تحاكي المستويات العالمية. وتصبح بالتالي مراجع قيّمة للباحثين والطلاب في شتّى أنحاء العام.

ز- التمويل:

هو العنصر الأساسي لكل هذه الحركة وتأمين إنطلاقها ونجاحها وإستمراريتها. لذا تجدر الإشارة الى التعاون القائم ما بين المؤسسات الفرنسية التي تؤمن 60% والدولة اللبنانية التي تتحمّل نسبة 40% من الموازنة السنوية التي تقدّر بـ( 1.200.000 ) مليون ومايتي ألف يورو في السنة. أما المصاريف فتشمل الفريقين اللبناني والفرنسي الى جانب 13 مشروع بحثي لمدّة 18 شهرا. وتجدر الإشارة إلى ان الجانب اللبناني تخلّف عن تسديد حصّته منذ ثلاث سنوات بسبب تفاقم الأزمة المالية.

 – IIخلاصات :

*هدف اللقاء :

من المفترض ان تكون هذه اللقاءات إحدى الوسائل لفتح حوار شامل بين الباحثين والطلاب الجامعيين والأساتذة والخبراء والمشرفين على البرامج المرتبطة بألمؤسسات المانحة والتي تدير مراكز الأبحاث العلمية في لبنان الى جانب الجامعات التي تركّز على هذا الجانب في خططها وبرامجها.

*المشاركة: يؤمن هذا اللقاء الفرصة للمشاركة في تبادل المعلومات وخلق دينامية مفيدة توسّع آفاق الباحثين وتدخلهم الى أجواء الحركة البحثية في البلد.

*المواهب العديدة: تدلنا هذه اللقاءات على هذه الثروة في البلد مع وجود مواهب تملك كفاءات علمية مميزة مما يبعث على الإرتياح والتساؤل: هل بالإمكان ايجاد فرص عمل لكل هؤلاء والإستفادة من علومم وأبحاثهم ؟

*موقع الأبحاث:

يجب ان يكون موقعها الى جانب الإنسان إذ هو هدفها الأول . فلا لون سياسي أو ديني لأي بحث قيّم لأن العلوم لجميع الناس ومن أجلهم دون أي تفرقة أو تحيّز. . من هنا نرى إن هذه الأبحاث ربما تلعب دوراً في النهوض الوطني أو على الأقل في خلق دينامية مختلفة ايجابية ؛ فألبلد والمجتمع بحاجة ماسّة اليها لتأمين الحماية والإستمرارية. حبذا لو ان الذين يديرون البلد يعرفون دور جماعة الباحثين ورسالتهم؟؟

*الإبتكار :

وهو موضوع الساعة على صعيد الأبحاث في مختلف دول العالم. فمن المهمّ أن نجد تركيزاً قوياً على هذه الناحية من عدّة جهات ومؤسسات مما يضع لبنان بين الدول الفاعلة على هذا الصعيد. إنما السوال الذي يجب ان نواجهه : اين البلد مما يحدث في المنطقة والعالم على صعيد الإبتكار العلمي؟ هل إننا ننافس غيرنا بكفاءة ؟

– III نافذة أمل:

إن هذه اللقاءآت البعيدة عن السياسة والثرثرة تفتح نافذة يطل منها الضوء ويدخل الهواء النظيف الى جسم  المجتمع الذي يعاني من أمراض متعددة وإرهاق وملل حتّى!..

إلا إني أسأل : ماذا بعد ؟ كيف تكون المتابعة ؟ من يشرف على النوعية وجودة الأبحاث وتلك القدرة على تقييم مسارها والدفع بإتجاه المزيد من اكتساب المهارات للتفكير والتحليل العلمي الصارم ولكل إحصاء ومعلومة وخلاصات أو إستنتاجات؟

طالما ان الجهة الفرنسية تموّل وتشارك في هذه العملية فأي دور لها على هذا الصعيد؟ وما هي عملية تبادل الإختبارات والتفاعل الإيجابي مع الجانب اللبناني مما يساهم في إغناء الأبحاث؟

– IV الختام :

لا بد من الإشارة مجددا” ان كل ذلك العمل يشكّل حالة دفع وقوّة ضدّ مجريات التقهقر والإنعدام في البلد. ويبقى التحدّي في تكوين مقاومة علمّية تعليمية تربوية على مختلف المستويات بالتزام وإنخراط قوي وواضح من المؤسسات المعنية.

فهل نتمكّن من صناعة لبنان الجديد عن طريق القطاع التعليمي والإبتكار والأبحاث؟

ربما ان مشروع  (R3 LIBAN  ) * يقدّم لنا جوابا حول تساؤلاتنا : أي الثلاثية التالية:  أبحاث، أجوبة، ممانعة وصمود.

(R3 LIBAN : Recherche, Réponses, Résistance ) *

 

 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

المرصد الجامعي للحقوق يوجه رسالة إلى جنبلاط: ما نحتاجه هو إلغاء عقد الذل

بوابة التربية: وجهت الدكتور نور عبيد باسم المرصد الجامعي للحقوق رسالة مفتوحة إلى رئيس الحزب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *