Breaking News

بين البطولات الوهميّة والاستنتاجات التافهة لا حل إلا بجسم نقابي مستقل

بوابة التربية- كتب النقابي زياد علّوه:

مرّت سنوات عجاف على التعليم تدهورت فيها القيمة الشرائية للرواتب، تدهورت التقديمات والضمانات الصحية، عجز الأساتذة عن تعليم أولادهم وعن رعاية أسَرِهم صحيّاً، وصولاً إلى هبوطٍ حادّ في سدّ الحاجات الأساسية لعائلاتهم من ملبس وغذاء بمستوى يلامس الحد الانساني الادنى المتعارف عليه. استنفد الاساتذة مدخراتهم وباعوا ما يمكن بيعه وبعضُهم مات يائساً عاجزا متحسرا .

كل هذا لم يحصل فجأة، بل كان نتيجةَ سياساتٍ عامة وتدهور عام شامل في مختلف القطاعات.

ما يميز القطاع العام انه فضلا عن تأثره بالاقتصادي العام وتراكمات الفساد هو في تبعية لمستوى متدنٍّ من الاهلية في المستوى السياسي والاداري عاجز عن انتاج افكار وحلول وخاضع لاملاءات الجهات الدولية وفي مقدمها صندوق النقد وهو عاجز عن اجراء اصلاحات لارتباط هذا الفساد المطلوب محاربته  بالزبائنية وصرف النفوذ.

 ارتأت السلطة السياسية  تدمير القطاع العام وبالتالي سيهجره في اول الركب الكفاءات وتستقر ملاكاته على العاجزين عن التأقلم  على الموظفين الوهميين، على كم هائل من العسكريين الذي يرتبط استمرارهم  باستمرار مصالح دولية واقليمية في رعاية مؤسستهم وعلى عدم تجرؤ السلطة السياسية على العودة الى نظام الخدمة العسكرية الالزامية لاسباب محلية مرتبطة بترفع الطبقات الميسورة عن خدمة الوطن ببذل الدم وامور اخرى تتعلق بالسياسات العامة.

ما يهمنا هو تفاعل أصحاب الشان وضرورة الدفاع عن حقوقهم وعدم التسليم بتحميلهم منفردين الظروف المستجدة التي صنعها فساد الطبقة السياسية، طبقة النهب الطائفية الرأسمالية الربوية المتوحشة .

لا يخفى على أحد أن السلطة السياسية وضعت يدها على النقابات والروابط وأقعدتها محوِّلة إياها إلى ملحق بالاجهزة التنظيمية.

 تدرج الأمر من مراعاة الروابط للقرار السياسي والثقة به مع حفظ الحد الادنى من اصول العمل النقابي، وصولاً إلى التبعية الزبائنية المأجورة والوقحة للقوى السياسية والسلطة الإدارية مقابل فتاتٍ ومصالحَ تافهة  وأنانيات جبانة لنفوس ضئيلة، ما أدّى إلى مصادرة وقحة للقرار النقابي لا تعترف بمرجعية الهيئة العامة، وتحويل القطاع التربوي الى فيدرالية مدرائنا واساتذتنا ومريدينا وتدخل غير مسبوق من “مجتمعاتنا” في العملية التربوية لاخضاع الاساتذة وتحويلهم الى رسل وانبياء ومبشرين بالجنة لا يحتاجون سوى ولوج باب من ابوابها هم وعائلاتهم.

وقفة الاساتذة وانتفاضتُهم كانت الشعلة التي أضاءت هذا الظلام الدامس، بقاء هذا الامل في مواطن حر مدرك لحقوقه يدافع عنها عن مستقبل الاجيال في تعليم رسمي وطني لا طائفي يساوي بين مواطنيه في وجه طبقية التعليم وتوحش المؤسسات الخاصة .

ما يهمنا ان انتفاضة الاساتذة كانت استفتاءً على قدرة هذا الجسم على التحرر من سلطة هذه الطبقة السياسية دون خوف او وجل في كل ما يمس مستقبلهم المهني واستقرار اسرهم .

ما حصل بعد 6 آذار 2023 هو استفتاء بالموقف اثبت ان الاغلبية الساحقة في التعليم الثانوي “وهنا قيمة ما حصل” قد اعلنت النتيجة الحقيقية لارادة الاساتذة التي تتطابق مع اغلبية عملية كانت تتيح اتخاذ هذا القرار في الجمعيات العمومية .من لم ينتفض هم مجموعة من المدراء المنتفعين بامتيازات خاصة المتاثرين باستنفار انانياتهم ووهم تميزهم وخطل ادعائهم مؤهلات القيادة والانتماء المرضي الى سلطة الامر والنهي.

وبعض الاساتذة اخذ بالتبعية السياسية بالخوف من العقاب تحت مسمى فقدان الغطاء الشرعي والبعض الاخر استساغ الحصول على المنافع دون تعب او جهد حتى القيام بابسط موجبات الوظيفة نتيجة التعطل الفعلي للتعليم .

بعد قرار مجلس الوزراء المتعلق بالقطاع العام اصبحت اغلبية الاساتذة في موقع العودة لاستكمال العام الدراسي وهنا ايضا تطابق الواقع مع الشرعية النقابية الحقيقية في تنفيذ قرار العودة اي انه لو تم العودة الى الجمعيات العمومية لتطابقت النتيجة مع الواقع .

هذا القرار الاخير للاساتذة كان مرده لمجموعة من العوامل الخاصة متعلقة بما آل اليه وضعهم الخاص وتقدير التقديمات والمداخلات السياسية والاهلية ودخول متمولين وجمعيات مما خلق التباسات لم يتعود الاساتذة على مواجهتها نتيجة التفاوت في وضعهم المعيشي مع ثبات وضعهم الوظيفي وهذا بحث لا مجال لمقاربته حاليا معطوفا على عجز في قيادة الانتفاضة على الحفاظ  على وحدة المنتفضين.

بعد هذه العودة برز موقفان

الموقف الاول: من استمر في الانقطاع مستندا لشرعية ثورية تطاولت لفظيا واسفت في ادانة زملائهم وهؤلاء كانوا فئة ضئيلة منهم من كان مرتبطاً بعمل يسد له حاجته ويتضارب مع العودة ومنهم من كان عاجزا عن العودة لاسباب موضوعية متعلقة بالبعد عن مراكز العمل او غيرها ومنهم وقعوا في مزايدات ثورية بين بعضهم جعلتهم اسرى الموقف اي تقسيم آخر لا يأخذ بعين الاعتبار انهم قادرون على الاستمرار بالاتكاء على سند يؤمن لهم اساسيات الحياة لا يأتلف مع المنطق السليم .

الموقف الثاني: المجموعة التي استمرت في التعليم وحصلت على ما تم تحصيله بسبب موقف وتضحيات زملائهم مع نكران مرضي بان كل ما تم تحصيلة هو بسبب انتفاضة زملائهم والاثمان التي قدموها وهذا موقف مدان اخلاقيا لانه كان في موقع تبعية وطعن بزملائهم واضعاف موقفهم ولم يخجلوا من استثمار عودتهم في اختلاق ادعاءات منها بعد النظر وصحة الموقف متجاهلين الواقع مطهرين انفسهم بالكذب الصريح ويبشرون بعدم جدوى الاضرابات هؤلاء اصحاب الاستنتاجات التافهة الوقحة الذليلة المتبجحة .

النتيجة في اصول العمل النقابي هو أنّ كل موقف يتطابق مع قرار الاغلبية هو موقف صحيح من الوجهة النقابية وأي انحرافات عنه هي محض مزايدات او استنتاجات تافهة .

جسم نقابي جديد مستقل او استعادة الجسم النقابي من سطوة منتحلي الصفة التابعين إلا لأنانياتهم وقرارات تنظيماتهم.

About tarbiagate

Check Also

طرابلسي: مبروك… انتصر العقل

بوابة التربية:  بعد القرارات التي اتخذها وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي بخصوص الامتحانات الرسمية …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *