بقلم: باسل راتب محمد أبو ستة
في قلب كل إنسان طفلٌ يتعلم باللعب، ويكتشف العالم بالتجربة، ويتفاعل مع المواقف بعفوية، ومع تطور العملية التعليمية الحديثة، أعادت الدراما التكوينية هذا الطفل إلى الصف الدراسي، وكسرت بذلك الحواجز التقليدية بين الطالب والمعرفة، وبين المعلومة والموقف.
فما هي الدراما التكوينية؟ وكيف غيّرت نظرتنا للتعليم؟
أكثر من مجرد تمثيل
ليست الدراما التكوينية مسرحًا يُعرض، ولا مشهدًا يُحفظ، إنها استراتيجية تعليمية تعتمد على تقمّص الأدوار، ومعايشة المواقف، والتعبير الوجداني عن موضوعات دراسية بأسلوب تفاعلي، يُصبح الطالب فيها شريكًا في صياغة الدرس، لا متلقّيًا سلبياً، يعيش الحالة، ويفكر، ويتصرف، ثم يتأمل ويتعلم.
هي عملية “تكوينية” لأنها تُبنى في أثناء التعلم، وتهدف إلى تطوير الفهم بشكل مستمر، وتمنح للمعلم فرصة لرصد التعلّم أثناء حدوثه، لا بعد انتهائه.
ما الذي يجعلها فريدة؟
تجعل المعرفة خبرة حيّة لا تُنسى.
تدمج العقل والعاطفة والحركة في التعلم.
تُشعل الفضول، والخيال، وروح التعاون بين الطلبة.
تُستخدم في تقييم الفهم بشكل طبيعي دون رهبة الامتحان.
تعزز المهارات الشخصية والاجتماعية من خلال الحوار وتبادل الأدوار.
في الصف… كيف تبدأ؟
تبدأ الدراما التكوينية من موقف بسيط:
معلم يطرح سؤالًا، ثم يقترح تمثيل موقف، فيقول:
“تخيلوا أننا نعيش في زمن الثورة الصناعية، من سيكون العامل؟ من سيكون صاحب المصنع؟ من سيدافع عن حقوق العمال؟”
وهكذا، ينطلق الطلاب في مشهد يُولد من أفكارهم، ويمضي المعلم معهم لا ليملي، بل ليدير الحوار ويثير التساؤلات.
مواقف صغيرة، لكن أثرها كبير
في درس حول قضية اجتماعية، مثل التمييز أو التنمّر، يعيش الطلبة الموقف بأدوار مختلفة، فيشعر الظالم بندم لم يعرفه من قبل، ويتعلم المتفرج كيف يكون نصيرًا للحق.
في العلوم، يتقمص كل طالب مكونًا من مكونات البيئة، ويحدث نقاش بين “الشجرة” و”الهواء” و”الإنسان” حول التلوث، فيفهم الطالب أثر السلوك البشري على الطبيعة بشكل عميق.
ماذا يقول المعلمون؟
يقول أحد المعلمين: “حين بدأت أستخدم الدراما التكوينية، شعرت أنني أعلّم بشرًا لا مجرد طلاب. كنت أراهم يفكرون، يشعرون، يسألون، ويتفاعلون دون خوف من الخطأ.”
ويقول طالب في الصف الثامن:
“أنا ما كنت أحب التاريخ، بس لما مثّلنا معركة حطين، حسّيت إني كنت هناك، وصرت أفهم ليش صارت وكيف.”
خاتمة
الدراما التكوينية ليست حصة ترفيه، بل أداة تربوية قوية تعيد للتعليم إنسانيته، إنها تجعلنا نُدرّس العدل لا تعريفه، ونُعلّم القيم لا نرددها، ونبني الشخصية لا نحشو العقول، في زمن كثرت فيه الشاشات وقلّ فيه الحوار، تُعيد هذه الاستراتيجية دفء التواصل، وتُحفّز التعلم من الداخل.
فلتكن الدراما التكوينية أكثر من استراتيجية، لتكن رؤية تعليمية تُشعل خيال الطالب وتفتح له باب الفهم الحي، لا الورقي فقط.
درس تطبيقي باستخدام استراتيجية الدراما التكوينية:
عنوان الدرس: الإنسان والبيئة
- الأهداف السلوكية:
- أن يستنتج كيفية استغلال الإنسان لبعض مكونات البيئة.
- أن يستنتج أثر التطور على البيئة.
- أن يقترح طرق للتقليل من بعض المشاكل البيئية.
- أن يتبنى سلوكيات إيجابية نحو البيئة.
- استراتيجية التدريس المستخدمة الدراما التكوينية
- طرق التدريس المستخدمة:
- العصف الذهني
- التعلم التعاوني
- حل المشكلات
- الوسائل التعليمية:
- صور ومؤثرات صوتية للغابة
- قبعات تمثيلية
- ورق وأقلام
- مكبر صوت
- الإجراءات والأنشطة
- التهيئة:
تشغيل مؤثرات صوتية للغابة وعرض صورها قبل وبعد التلوث لإثارة الانتباه والمشاعر.
- التمهيد:
سرد قصة درامية تمهّد للموقف التفاعلي، يتقمص فيها الطلاب أدوار كائنات الغابة والإنسان.
في غابة حزينة أصابها الخراب، اجتمعت الكائنات المختلفة، بقيادة شجرة عجوز تُدعى “زيتونة”، لتروي قصتها المؤلمة بسبب ما فعله الإنسان من تدمير للطبيعة، دخل الإنسان المشهد وهو يشعر بالندم، بعد أن أدرك أن أفعاله أضرّت به أيضًا، تقود النملة دعوة لبدء “عرض درامي” يحمل رسالة بيئية قوية، حيث تتوحد جميع الكائنات، بما فيها الإنسان، لتمثيل الحقيقة والدعوة إلى التغيير الإيجابي، بلا جمهور، فالجميع شركاء في إنقاذ البيئة.
- توزيع الأدوار:
تمثيل شخصيات مثل: الشجرة، الأرنب، الإنسان، الأسد، النحلة، البومة… وغيرها.
نشاط (1): أرقى المخلوقات
عصف ذهني حول استغلال الإنسان للبيئة ونتائجه.
- نشاط 2: نريد حلًا
عرض فيديو عن التلوث، ثم تحليل المشكلة واقتراح حلول باستخدام خطوات حل المشكلات.
🔴 نشاط بيئي
- بالتعاون مع معلم التربية الفنية قم برسم لوحة معبرة يظهر فيها الإنسان محافظًا على البيئة.