أخبار عاجلة

المثلث البيداغوجي ودور الأهل في عمليّة التعلّم عن بعد

بوابة التربية: كتب *محمود عيسى:

عند بداية الأزمة الصحّيّة مع انتشار فيروس 19 covid  في منتصف العام الدراسي الماضي (2019-2020) كان الأمل أن تنتهي هذه الأزمة في القريب العاجل، وحتى قبل نهاية العام الدراسي (2019-2020) وعليه إكتفت المؤسسات التربويّة (بإستثناء البعض) بإعتماد أساليب تقليدية بالتعليم عن بعد بهدف الحفاظ على استمرارية التعليم وتقطيع الوقت من دون البحث عن أدوات قد تحسّن هذه العملية أو من دون أخذ النواتج التعليميّة للمتعلّم بعين الاعتبار أحياناً نتيجة الاعتقاد أنّه سيتمّ ترميم الأهداف أو إعادتها عند العودة إلى التعليم الحضوري قبل إنتهاء العام الدراسي (2019-2020).

أما وقد أصبحنا في منتصف العام الدراسي (2020-2021) ومن المُرجح استمرار التعليم عن بعد حتى نهاية هذا العام بشكلٍ كامل، ومن المحتمل أيضاً أن يكون مدخلاً إلى العام المقبل (2021-2022) ولو بشكلٍ جزئي ونتيجة اعتقادنا بأن أغلب المؤسسات التربويّة ستستفيد من تجربتها في “التعليم عن بعد” بعد انتهاء هذه الجائحة، والعودة إلى التعليم الحضوري في السنوات المقبلة؛ رغم وجود بعض المعوّقات في البنية التحتية غير الجاهزة بشكلٍ كامل.

نجد أن الواقع التربوي لا يحتاج إلى تعديلات شكلية ومظهرية قد تتسبّب كالعادة في تأخير التطوير، ولكننا بحاجة إلى وضع رؤى منضبطة لعمليّة إصلاح التعليم من خلال الدخول في عمليّات تطوير فعليّة تعالج الخلل القائم بالفعل في العمليّة التعليميّة والتي تحوّلت برأينا من مثلّث البداغوجيا المتساوي الأضلاع والذي يضم المدرسة أو المعرفة والمعلّم والمتعلّم (teacher, learner, content) إلى شكل رباعي الأضلاع أضلعته غير متساوية ويضم: المدرسة أو المعرفة، المعلّم، المتعلّم والأهل.

      إذاً؛ لا بدّ من العمل على هذه المكوّنات الأربعة؛ لرفع فاعلية وإنتاجيّة العمليّة التعليمية-التعلمية،  حتّى نحصد جناها في إنتاج أجيال متعلّمة ومدربة تمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين:

أوّلاً: رفع كفاءة المعلّم من خلال التدريب المستمرّ لتحسين مهارته التعليمية، ولا سيّما المهارات التكنولوجية التي تحتاجها عمليّة التعليم عن بعد وكفايات معلّم القرن الحادي والعشرين.

ثانياً: المنهج:

نحن نعرف أنّ عمليّة تطوير المناهج تتطلب سنوات من العمل خصوصاً في بلدنا المحكوم بعوامل عديدة أهمها التجاذبات السياسيّة أو التعثّرات المالية التي تعيق هذه العمليّة باستمرار ولكن أقلّه يمكننا تكييف المحتوى المعرفي بطريقة تتناسب مع عمليّة التعليم عن بعد من خلال استكمال عمليّة تحويل جميع الكتب إلى كتب إلكترونيّة سهلة المنال، والعمل على إعداد فيديوهات تعليميّة قصيرة يمكن الاتكاء عليها لاستخدامها في استراتيجيات فعالة خلال عمليّة التعليم عن بعد كالصّف المعكوس (flipped classroom) وغيرها، أو على الأقل تدريب المعلمين على إعداد هذه الفيديوهات.

ثالثاً: المتعلّم وهو محور العملية التعليمية – التعلّميّة بأكملها، وقد دخل الأهل في عملية التعلّم عن بعد كشريك أساسي مع المدرسة خصوصاً في التعلّم السلوكي والمعرفي؛ وإن إختلف ذلك نسبيا باختلاف المرحلة العمريّة.

رابعاً: الأهل، عزّزت عمليّة “التعلّم عن بعد” دور الأهل حيث أصبح مكوناً أساسيّاً. كما ذكرنا سابقاً – في العمليّة التعليميّة – ولأنه مكوّن جديد فإنّ التعاطي معه يتطلّب الكثير من الحذر خصوصاً في ظلّ وجود فروقات ثقافيّة – معرفيّة – علميّة وسلوكيّة حادّة بين الأهل. ولأننا نخاف من أن يقع الأهل في فخ التحول إلى مدرّسين لأبنائهم، وهذا يتعارض مع بناء الشخصيّة المستقلة  للتلميذ، ويعزّز عنده عامل الاعتماد على الآخرين، وأن يقوم الأهل بإنجاز الواجبات المنزليّة للتلميذ أو تصحيحه بدل الإكتفاء بدور المرشد المُيسّر. وجدنا من الضرورة الإضاءة على دور الأهل في عمليّة “التعلم عن بعد” والذي يمكن إيجازه ب:

  • –         تأمين الإستقرار الذي يبعد عنهم القلق والإضطراب ويفتح أمامهم الطريق للتكيف النفسي السليم، متبعة مستوى المهارات التي يكسبها الأبناء وتنميتها، وضع برنامج يومي يتناسب مع مستوى التلميذ على أن يتخلّله بعض الترفيه والتشجيع على التعلّم، والعمل على اكتشاف الهوايات والمهارات الخاصّة، إيقاظه قبل وقت الحصّة التعليميّة يسمح له بإرتدء ملابس لائقة قبل الدخول إلى المنصّة (الصّف الإفتراضي) لأن من شأن ذلك تعزيز سلوكيات يجب تنميتها عند التلميذ، إضافةً إلى تأمين جو مناسب وبيئة ملائمة قدر الإمكان.

لذلك، على القيادات والمؤسسات التربويّة العمل على توعية الأهل في هذه المرحلة من خلال لقاءات، فيديوهات، ندوات وورش عمل لشرح كيفية التواصل مع المعلمين والإدارات بطريقة إيجابية وضمن دوام معيّن ولشرح هذا الدور والعمل على تكييفهم لفهم الواقع الجديد لفهم الواقع الجديد ويمكن في ذلك تعزيز دور المرشدين التربويين في المدارس الخاصّة ووزارة التربية كما ننصح أن تكون هذه اللقاءات عبر المنصات المعتمدة لأنّ من شأن ذلك كسر الحاجز بين الأهل وتكنولوجيا التعليم، على أن تقسم حسب المراحل العمريّة لأن دور الأهل يختلف بإختلاف المرحلة العمريّة. 

 أخيرا، إن تطوير العملية التعليمية-التعلمية مرهون بتعاون الجميع وبتحسن جميع مكوناتها. وللأهل (الشركاء الجدد) نقول: لا بد من النظر بإيجابية إلى عملية التعلم عن بعد أقله أمام أبنائنا لما يحتاجونه من دعم نفسي ومعنوي ولكي لا نفوت عليهم الفرصة بإكتساب المعارف والمهارات، وتاليًا، لا بدّ من الوقوف إلى جانب المعلم في ظلّ الضّغوطات المتراكمة والأعمال الإضافيّة الموكلة إليه خلال هذه المدّة، وعدم تحميله عبء معوّقات فرضَتْها ظروفٌ قسريّة على الجميع.

*مدرب تربوي وأستاذ تعليم ثانوي

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

طالبة لبنانية بين المعتقلين في كاليفورنيا ووالدها يعرب عن فخره

بوابة التربية: اعتقلت شرطة لوس أنجلوس عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا خرجوا احتجاجا ضد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *