أخبار عاجلة

خليفة: جوهر أزمة الجامعة اللبنانية تكمن في استعادة استقلاليتها

بوابة التربية: وزع الرئيس الأسبق لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية د.عصام خليفة مداخلة في الوقفة التضامنية مع الجامعة، بدعوة من رابطة الأساتذة المتفرغين، والذي أقيم في مبنى الادارة المركزية للجامعة، أكد فيها أن جوهر أزمة الجامعة اللبنانية تكمن في استعادة استقلاليتها، وقال:

الجامعة اللبنانية مجسّدة للهوية اللبنانية، وقاعدة الانماء الشامل والمستدام، وقاطرة إصلاح وتقدم النظام التربوي ككل، والعامل الاساس في الترقي الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

هذه المؤسسة تتعرض اليوم للتدمير الممنهج، ومن خلالها ثمة استهداف للهوية اللبنانية وللإنماء الشامل والنظام التربوي وللترقي الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

ومن واجبنا، إزاء الكارثة الكبرى، ان نكون شجعاناً في توصيف الداء والدواء في آن معاً.

1- لا جامعة دون احترام استقلاليتها: منذ ١٩٧٥ تم استباحة هذه المؤسسة. وبعد اتفاق الطائف بدل القيام بإصلاح هذه المؤسسة وتحصينها سلّم رئيسها المرحوم د. اسعد دياب إلى مجلس الوزراء صلاحية تعيين الأساتذة المتفرغين. وهكذا يتعين الأساتذة بتدخل سياسي، وتتم ترقيتهم وعضويتهم للجان، وتعيين الرئيس  العمداء والمدراء بتدخل سياسي. وكذلك الأمر على مستوى الهيئة الإدارية والهيئة الطلابية. كل ذلك يحصل على حساب القوانين والمستوى الأكاديمي وضمان الجودة والتعمّق العلمي والبحوث وتوفير تعليم ذي نوعية عالية.

إن جوهر أزمة الجامعة اللبنانية تكمن في استعادة استقلاليتها عن الاستباحة الحاصلة لها من قبل الاحزاب ولاسيما من فئات معروفة ومعينة. في هذا السياق نذكر بما ورد في وثيقة الاونيسكو المتعلقة بشأن أوضاع هيئات التدريس في التعليم العالي (١٩٩٧) والمقرّة من الحكومة اللبنانية:

“المادة ١٩: ان الدول الأعضاء ملزمة بحماية مؤسسات التعليم العالي من التهديدات التي قد يتعرض لها استقلالها أياً كان مصدرها”.

“المادة ٢١: ان التسيير الذاتي والادارة الجماعية والقيادة الأكاديمية المناسبة تعد من العناصر الأساسية لتمتع مؤسسات التعليم العالي باستقلال ذاتي حقيقي”.

وقد  ورد في المادة ١٣ من الشرعة العالمية للتعليم العالي، الفقرة ب: “يجب اعطاء مؤسسات التعليم العالي استقلالاً ذاتياً في تدبير شؤونها الداخلية، ولكن يقترن هذا الاستقلال الذاتي بالاستجابة الواضحة والصريحة للمساءَلة أمام الحكومة والبرلمان والطلاب وأمام المجتمع بوجه عام”.

الجامعة  اللبنانية حالياً هي خارج القانون، وعندما تطالب “الفئات المعروفة والمعينة” باستعادة الصلاحيات إلى الجامعة من مجلس الوزراء، فإنما تطالب لاحتكار السلطة في الجامعة  من قبل الرئيس الذي تفرضه هذه الفئات، وليس إلى قيادة جماعية يكون همها سيادة القانون وتطبيق الشرع الدولية ذات الصلة، وتقدم المؤسسة وإنمائها.

استقلالية الاستاذ الجامعي واستقلالية الاداريين والطلاب، هو القاعدة لاستقلالية الجامعة. وحتى لو كان الاستاذ والإداري والطالب له ميول حزبية او سياسية، فهذا أمر مقبول لا بل مرحب به. لكن ان يتعطل دور الجامعة النقدي، وأن يكون الانتماء الحزبي سبباً لعدم احترام الحرية الأكاديمية لسائر أعضاء الوسط الأكاديمي، وعدم القبول بالآراء المتعارضة، والتخلي عن مبدأ البحث الامين عن الحقيقة من خلال البحوث الموضوعية، فهذا ما يتعارض مع مفهوم الجامعة الساعية لبناء المستقبل المتقدم لشعبنا .

ان جوهر الخطر على الجامعة اللبنانية هو تعطيل حرية الأستاذ والإداري والطالب لصالح هذا الحزب او ذاك، وهيمنة الاحادية الفئوية في الإدارة والتعليم العالي وتقييد حرية البحث. إن هذا الأمر نقيض لجوهر الثقافة المتعددة التي كانت في أساس قيام فكرة الدولة اللبنانية.

ان مفهوم الدولة البتريمونيالية حيث يعتبر قادة السياسة انهم مالكون لمؤسسات الدولة ومستغلون لمواردها. وان تلك المؤسسات ليست ملكاً للشعب وفي خدمته على قاعدة الكفاءَة والعدالة والتوازن. من هنا فإن المطالبة باستقلالية الجامعة يتطلب قراراً سياسياً ورؤيا سياسية قبل تطلبه اي اجراء اكاديمي خاص. لان السؤال الأساسي الذي يحكم هذه القضية الكبرى هو السؤال عن مدى ارادة الدولة اللبنانية في أن تكون دولة لها جامعة مشاركة في حركة الحداثة محلياً وعالمياً.

٢- لا جامعة دون هيئة تعليمية وهيئة إدارية كفؤة ومتفرغة:

ان التقدم، في مجال التعليم العالي، يعتمد إلى حد كبير على البنى الأساسية لهذا التعليم وعلى موارده البشرية والمادية، وعلى مؤهلات أعضاء هيئات التدريس ودرايتهم الفنية، وكذلك على صفاتهم الإنسانية والتربوية والتقنية المدعّمة بالحرية الأكاديمية والمسؤولية المهنية والادارة الجماعية وقد أكدت الشرع الدولية على “ان التثبيت في الخدمة… يشكل واحداً من أهم الضمانات الاجرائية للحرية الأكاديمية ضد القرارات التعسفية. كما أنه يشجع المسؤولية الفردية والاحتفاظ بذوي المواهب من أعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي”.

وقد نصت المادة ٥ من القانون ٧٠\٦ (تنظيم عمل الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية): “لا يجوز بعد انقضاء مدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ان تنقص نسبة ساعات التدريس الموكلة الى أفراد الهيئة التعليمية المتفرغين من متعاقدين وداخلين في الملاك عن ثمانين في المئة من مجموع ساعات التدريس المقرر في مختلف فروع الجامعة “.

وبدل ان يكون هناك آلية سنوية لدخول المتفرغين إلى الملاك، وتفريغ أساتذة جدد على قاعدة الحاجة والكفاءة والتوازن، وانطلاقاً من القوانين المرعية الإجراء (اقتراح مجالس الأقسام والفروع والوحدات ومجلس الجامعة)، نلاحظ تدخل اهل السياسة في التفرّغ. ففي كلية الزراعة على سبيل المثال لا الحصر، تم تفريغ أطباء في المسالك البولية وجراحة الأسنان والتجميل ومتخصصين في الكيمياء والهندسة المعمارية والمدنية والميكانيك الخ… (نسبتهم في الكلية ٤٢% من مجموع المتفرغين)!! وقد حصل بتواطؤ بين إدارة الجامعة وأهل السياسة، وهذا امر مناقض للقوانين ولمصلحة الجامعة بالمقابل هناك ظلم كبير للاساتذة المتعاقدين بالساعة. فالاجور الزهيدة مقابل ساعات تدريسهم لا يقبضونها الا بعد أكثر من سنة. وهذا مناقض لقانون العمل اللبناني ومناقض لشرعة هيئات التدريس الصادرة عن الاونسكو:

فقد نصت المادة ٧ انه “ينبغي أن تتوفر لاعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي افضل ظروف عمل تسمح بتعزيز فعالية التعليم… وتمكن من الاضطلاع بمهامهم المهنية”. وتؤكد المادة ٤٣ على ضرورة
“… اعتماد إجراءات عادلة فيما يخص عمليات التعيين والتثبيت في الوظيفة”. وتضيف المادة ٦٣: “ينبغي أن تهيأ لاعضاء هيئات التدريس في التعليم العالي بيئة عمل لا يكون لها وقع سلبي او تأثير على صحتهم وامنهم وينبغي ان تكفل لهم الحماية في إطار ترتيبات الضمان الاجتماعي… والترتيبات الخاصة بالحماية الصحية والأمان…”.

ان الاستقرار الوظيفي او التفرغ هو امر ضروري وحتمي للاغلبية الساحقة من الأساتذة. الشرط الاساسي هو ان يكون ملف كل استاذ خالياً من الخلل، وأن يتمتع هذا الاستاذ بالصفات الخلقية والفكرية والتعليمية الضرورية وامتلاك المعارف والمهارات المهنية المطلوبة.

واذا أرادت السلطات السياسية ان تحقق الإصلاح المنشود في الجامعة فعليها الأقفال المؤقت لمعاهد الدكتورا الحالية وتعديل المرسوم ٤٩. وربط إدخال اي استاذ بالتأهيل. واعادة إعطاء المنح للطلاب المتفوقين إلى الخارج، واخضاع الأساتذة الموجودين لدورات تدريب مستمرة لتحسين ادائهم، وتطوير نظام السنة السابعة.

ومع الانهيار المريع للقوة الشرائية للعملة الوطنية يجب إعطاء الجامعة أولوية مراجعة رواتب الأساتذة والاداريين ارتباطاً مع تكاليف المعيشة، كما نصت المادة ٥٨ من وثيقة الاونسكو.

وعلى صعيد الجهاز الإداري لم يتم إدخال اداريين إلى ملاك الجامعة من أكثر من ثلاثة عقود. وقد حاولت إدارة الجامعة سد الحاجة بما نسميه التعاقد مع المدربين. وأكثر هؤلاء لا يقبضون رواتبهم الا بعد سنوات، وقد دخل اغلبهم عن طريق الواسطة. وهذا الأمر ينعكس سلباً على الأداء الإداري. والجسم الإداري، كالجسم التعليمي، يعاني من تدخل اهل الحل والربط: في الدخول للتعاقد، وفي المناقلات، وعدم الاستقرار المهني وغياب الضمانات الاجتماعية. فهل يمكن أن يتوقف تدخل اهل السياسة، وإجراء عمليات تطهير بحيث لا يبقى الا العناصر التي تبرهن عن كفاءَتها. وفي نفس الوقت يتم اعداد كوادر جديدة مدركة للتطورات الحاصلة عالمياً، وفي مجال الإدارة الجامعية، وتتمتع بمهارات فعالة. وهذا الأمر يجب أن يتم من خلال إجراء مباريات صارمة في دقتها ومعاييرها، ويجب أن يترافق بتحسين جذري للوضع المعيشي والضمانات الاجتماعية. فلا تقدم للجامعة اللبنانية بدون جسم إداري متقدم وعصري وكفؤ وصاحب رؤيا اجتماعية، لا يكون خاضعاً لسيطرة الاحزاب وأهل السياسة، يعمل لخدمة الجامعة وليس لخدمة هذه الفئة او تلك على حساب الجودة العالية في التعليم والتدريب والبحوث وفي الخدمات المقدمة للمجتمع.

٣الطالب هو محور العملية الأكاديمية، والمدن الجامعية في المناطق هي أساس الحل:

لقد حرصت قوى الحل والربط وزعامات الدولة البتريمونيالية على أن تنمي في الطلاب والشباب روح التبعية والامتثال والتزلم لهذه الجهة او تلك. وبدلاً من أن يشكل الطلاب قوة نقابية تشارك في إدارة الجامعة وفي تطوير المناهج والبرامج وتقويم أداء الهيئتين التعليمية والادارية، والمطالبة بتأمين الظروف المادية والمعنوية المناسبة لهم (منح وطنية، منح إلى الخارج، مدن جامعية للسكن، مطاعم ملاعب…) وبدلاً من الاهتمام بمشاكل التخرج والعمل بعد نيل الشهادة، نلاحظ أن أغلبية الهيئات الطلابية تحولت، عبر مسؤوليها على الاقل، إلى أجهزة ملحقة تعمل مخبرة عند هذا الجهاز او ذاك.

في هذا السياق نذكّر بما ورد في المادة ١٠ الفقرة ٨ من الشرعة العالمية للتعليم العالي: “ينبغي لاصحاب القرار على الصعيد الوطني وعلى مستوى مؤسسات التعليم العالي أن يضعوا احتياجات الطلاب في مقدمة اهتماماتهم…”. هذا يعني إعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة والمشاركة في إدارتها كما تنص القوانين المرع الإجراء.

4- نحو إصلاح عملي وجذري:

لقد أكدت التقارير الدولية، لاسيما تقرير جاك ديلور على ضرورة اللامركزية في مجال التعليم العالي وان تكريس اللامركزية الواسعة في الجامعة يحقق جملة أمور ويجب أن يترافق مع جملة اجراءات:

  • تطبيق المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء (٥/٥/٢٠٠٨) بايجاد مجمعات للجامعة في خمس مناطق.
  • تحويل الفروع – كما طرح د. ناصيف نصار، إلى كليات في وحدات مستقلة اكاديمياً وادارياً ومالياً، اي خمس جامعات متساوية أمام القانون.
  • هذه المجمعات- الجامعات تنسق فيما بينها في إطار مجلس أعلى للتعليم العالي الرسمي.
  • وهذه المجمعات- الجامعات تستوعب المزيد من الطلاب في مختلف الاختصاصات، الأمر الذي يسمح بالمنافسة المتكافئة، مع انهيار الوضع الاقتصادي للمواطنين وعدم القدرة للانتساب للجامعات الخاصة. (تراجعت نسبة الطلاب في الجامعة اللبنانية من ٦٥% من مجمل طلاب التعليم العالي في لبنان الى ٣٠% فقط).
  • هذه الجامعات – المجمعات تكون البديل عن التشعيب الحاصل حالياً والذي يتم على حساب جودة التعليم.
  • أن الازمة المفتوحة في الجامعة اللبنانية والمتمثلة بدوامة الصراع الطائفي، حيث يشعر البعض بالغلبة ويشعر البعض الآخر بالانكسار، لا يمكن تخطيه بحل جذري حيث توطد الدولة خطاها في الإبتعاد عن مشاريع الاستبداد التي انتعشت تحت شعار الوفاق الوطني، وتعاملت مع افرادها كمواطنين كاملي المساواة في الحقوق والواجبات.
  • ان البطالة في صفوف خريجي الجامعة، تفترض إقامة روابط أوثق مع عالم العمل، وتوفير ما يلزم من التوجيه والمشورة، خاصة في ظل الازمة المالية والاقتصادية الخطيرة التي يمر بها الوطن.

من جهة أخرى يجب تعديل موازنة الجامعة المطروحة وتطبيق مطالعة القاضي فوزي خميس الذي أحال الرئيسين السابق والحالي للجامعة إلى القضاء بصدد أموال الـ PCR. وبالتالي يجب وضع الأموال الناجمة عن ذلك في صلب موازنة الجامعة، وليس خارجها الأمر الذي يناقض القوانين المرعية الإجراء. وفي ظل الأزمة التي سوف تستمر يجب على الجامعة ان تتحول الى جامعة منتجة وأن لا تتكل فقط على مساعدات الحكومة.

ان معرقلي تقدم الجامعة لا يقتصرون على السياسيين وسياساتهم السيئة، وإنما تعود أيضاً إلى سؤ إدارة القيمين على الجامعة وممارساتهم الفئوية وعدم خضوعهم لمبدأ المساءَلة والشفافية وخروجهم عن القانون وعن مبادئ الشرع الدولية للتعليم العالي الموافق عليها من قِبَل الحكومة اللبنانية.

من هذا الموقع نقدم الدعم لهذه المؤسسة الوطنية والتي راهنا سابقاً، ولا نزال، الى ان تلعب الدور الطليعي في نهضة الوطن وتقدمه وخروجه من الكارثة التي وقع فيها لبنان.

                                                                

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

فرع بعلبك الهرمل لرابطة الثانوي: لإمتحانات رسمية موحّدة لكل لبنان

بوابة التربية: طالب فرع بعلبك- الهرمل لرابطة التعليم الثانوي إجراء امتحانات رسمية موحّدة لكل لبنان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *