الخميس , سبتمبر 11 2025

الأستاذ المتعاقد بين النار والحصار

 

بوابة التربية- كتب دكتور حسين سعد*:

في زمن تتقاذفه السياسات العشوائية والتصريحات المتناقضة، يقف الأستاذ المتعاقد كرمز للمظلومية، يُلقى كل عام في مهب الريح، من دون أدنى ضمانات لمستقبل يضمن له حياة كريمة واستقرارًا وظيفيًا. بين قرارات الوزارة التي تفتقر إلى الرؤية، واصطفافات روابط التعليم في الملاك التي لا تتعدى مصالحها الضيقة، يظل الأستاذ المتعاقد حبيس معاناة لا تنتهي، وكأنه قدر محتوم أن يُساق من أزمة إلى أخرى، ومن وعد إلى سراب.

مظلومية المعلم المتعاقد تتضاعف مع غياب أي أفق حقيقي للتثبيت، ومعاملة تفتقر إلى أدنى درجات الاحترام والتقدير. يعمل لساعات طويلة، يُنقل من مدرسة إلى أخرى، يفتقد إلى الضمانات الاجتماعية والمستقبلية، ويعيش على أمل أن يلقى كلمة حق، أو قرار يحقق له ولو جزءًا من حقوقه. رواتب مجتزأة، تنتظر شهورًا لتصل، وأجر ساعة غير عادل، لا يوازي تضحياته، بينما يُعامل وكأنه موظف مؤقت، بلا حق في استقرار أو أمان.

وفي ظل هذه الظروف، نجد أن الوزارة تتنقل بين القرارات العشوائية، وتصدر وعودًا دون تنفيذ، بينما الروابط ترفع شعارات وتآخذ حقوقها من دون أن تلتفت إلى معاناة الأساتذة المتعاقدين، الذين يُحشرون بين مطرقة الظروف وسندان السياسات. والأدهى من ذلك، أن العام الدراسي الجديد ٢٠٢٥/٢٠٢٦، يلوح في الأفق كنسخة مكررة من الأعوام السابقة، حيث يدفع الأستاذ المتعاقد وحده الثمن، في ظل غياب أي خطة حقيقية لضمان استمراريته، أو تثبيته بشكل عادل ومستدام.

إنها مأساة حقيقية: معلم يُفترض أن يكون حامل رسالة، يُحاصر بين غدر السياسات، وتجاهل المسؤولين، ليبقى في دوامة عدم الاستقرار، بلا أمان وظيفي، ولا احترام لدوره، ولا أدنى تقدير لتضحياته التي تكدح في سبيل بناء جيل المستقبل. فهل من منصف يوقف هذه المهزلة، ويعيد الحق لأصحابه؟ أم سنظل نسمع الوعود، ونرى المعاناة تتكرر، فيما الأستاذ المتعاقد يناضل من أجل حياة كريمة ومستقبل آمن؟.

 

*رئيس لجنة الاساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي 

عن tarbiagate

شاهد أيضاً

طلاب لبنانيون نازحون  متروكون لمصيرهم

    بوابة التربية: كتب علي شفيق مرتضى*: “الشكوى لغير الله مذلّة”، عبارة يرددها  اللبنانيين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *